بعد ثماني جولات في فيينا، جمعت العاصمة القطرية الدوحة، الجارة القريبة لطهران، البعيدة عن واشنطن، جولة مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن، علّها تُنقذ الاتفاق حول النووي الإيراني الموقّع عام 2015.
ووصل إلى الدوحة، اليوم الثلاثاء، كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني على رأس وفد لاستئناف المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
وأكد باقري أن المفاوضات تتناول المسائل التي لا تزال عالقة بين طهران وواشنطن، على أن توقّع أوراق الاتفاق في أروقة فيينا.
كما يصل إلى الدوحة المبعوث الأميركي للشأن الإيراني روبرت مالي، حيث بعثت واشنطن معه الرسائل نفسها، وهي تنازل إيران عن مطالبها الإضافية التي تتجاوز اتفاق 2015.
ويسود تفاؤل إيراني بموقع المباحثات الجديد، إذ أكد مسؤولون إيرانيون أن اختيار قطر يأتي في إطار جهودها المستمرة للوساطة بين البلدين.
بدورها، رحّبت قطر بوفدي البلدين، حيث أكدت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، استعداد الدوحة لتوفير الأجواء اللازمة لإنجاح الحوار، معبرة عن آمالها بالوصول إلى نتائج ايجابية بما يُسهم في استقرار المنطقة والحوار الإقليمي.
نية حسنة لدى الطرفين
ويتأرجح الاتفاق مع مرور مساره الزمني بملفات أخرى عالقة، حيث يرمي التوتر الإيراني- الإسرائيلي بظلاله على المباحثات وصياغة الاتفاق.
هي مباحثات صعبة، لكن الوسيط الأوروبي يؤكد أنه لمس حسن نية لدى الطرفين.
وأوضح مراسل "العربي" في الدوحة جمال عزالديني أن الوفدين يصلان الدوحة حاملين أجندة مختلفة، فإيران تريد رفع العقوبات عنها، والحصول على ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق على غرار ما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2018، أما واشنطن، فتريد من طهران التنازل عن الشروط الإضافية عن اتفاق عام 2015.
وأكد المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي أن هذه المباحثات لا تعوّض مسار فيينا، لكنّها مفاوضات في إطار مختلف تجمع الإيرانيين والأميركيين فقط خارج إطار مجموعة 4+1.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن باقري بدأ "مفاوضات الغاء الحظر" مع مفاوض الاتحاد الأوروبي المكلف بتنسيق المحادثات حول الملف النووي الإيراني إنريكي مورا.
ضمانات جديدة
من جهته، شرح حسين رويران، الكاتب والباحث السياسي الإيراني، أن مفاوضات فيينا توقّفت بعدما التزمت إيران بما كان يجب أن تلتزم به للأطراف الأخرى، لكن عندما حان دور المطالب الإيرانية وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
وقال رويران، في حديث إلى "العربي"، من طهران، إن ما سمح باستئناف المفاوضات هو أن مالي قدّم بعض الضمانات الجديدة حول رفع العقوبات.
وأضاف أن طهران تتفهّم النظام السياسي في الولايات المتحدة، والدستور الأميركي، وصلاحيات الرئيس المقبل، لكنها، في الوقت نفسه، تطالب ببعض الضمانات الممكنة وليس التعجيزية.
وأوضح أن التسريبات في إيران تشير إلى ضمانات أميركية برفع الكثير من الشركات العاملة مع الحرس الثوري الإيراني من قائمة العقوبات، وإيجاد صيغة مقبولة من الطرفين حول وضع الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر أن في ظل هذه الضمانات، يبدو أن هناك حلحلة، وأملًا بالوصول إلى نتيجة.
وشدّد على أن دور اسرائيل "التخريبي" في المفاوضات، لن يمنع من الوصول إلى اتفاق، لأن المصالح الأميركية هي أولوية بالنسبة لإدارة بايدن، بخاصة في ظل المناخ الدولي المتغير بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي تدفع باتجاه الوصول إلى اتفاق مع إيران.