تقابل الأعمال الدرامية والترفيهية المقدمة في التلفزة المغربية خلال شهر رمضان كل عام بانتقادات تطال الشكل والمضمون، لكن وتيرة هذه الانتقادات تصاعدت في السنوات القليلة الماضية مع اتساع هامش الحرية، الذي أتاحته وسائل التواصل الاجتماعي كما ظهرت أعمال فنية بديلة عبر المنصات الرقمية أثرت على ذوق المشاهدين.
وفي الموسم الرمضاني 2024، تشير إحصاءات شركة "ماروك متري" المتخصصة في قياس نسب المشاهدة بالمغرب إلى ارتفاع نسب المشاهدة للأعمال الدرامية المحلية المعروضة على القناة الأولى، إذ تصدر مسلسل "جيت لداركم" بنحو 12 مليون مشاهدة تلاه مسلسل "2 وجوه".
أما بالنسبة للقناة الثانية، فكان في صدارتها مسلسل "أش هذا" بعدد مشاهدات يناهز 11 مليونًا، يليه على التوالي مسلسل "دار النسا" و"أولاد إيزة".
توالي التعليقات السلبية
لكن رغم نسب المشاهدة الضخمة وتعدد الإنتاجات الدرامية والكوميدية، توالت التعليقات السلبية بما يؤكد عدم رضا المتابعين عمّا يقدم على الشاشة لدرجة وصلت إلى وصف بعض الأعمال على التلفزة المغربية بأنها "مبتذلة" و"لا تحترم وعي وثقافة المشاهد المغربي"، وتنال بشكل ساخر من بعض الفئات الاجتماعية والمهن الراسخة.
وقالت مريم السلاوي طالبة الدكتوراه في التربية الجمالية: "أظن أن التلفزة المغربية تقدم أعمالًا لا تحترم عقلية المشاهد المغربي وذوقه، نجد ابتذالًا متكررًا في كل عام بالرغم من الأصوات المنتقدة، لا أدري هل هو استخفاف بالمشاهد المغربي؟".
وبينما وصلت الانتقادات ذروتها في عام 2019 بالدعوة إلى مقاطعة المسلسلات والبرامج التلفزيونية الرمضانية باعتبارها تستنزف المال العام، رفض المسؤولون عن الإنتاج في التلفزة المغربية التعليق.
ويؤكد الناقد الفني والباحث في الجماليات والفلسفة إدريس القري أن ارتفاع نسبة المشاهدة ليس معيارًا.
وقال لـ"رويترز": "هذه الأعمال تصادف وقت الإفطار، فكم من شخص يفتح التلفاز دون أن يعيره اهتمامًا، أو يفتحه لأجل انتظار أذان المغرب، فعشرة ملايين مشاهدة ليس بالضرورة عشرة ملايين متابعة".
وأضاف: "الأمر يتعلق بأزمة بنيوية في التلفزيون المغربي، وخصوصًا الأعمال التي لها علاقة بالتسلية.. فعندما نقول أزمة بنيوية، ليس فقط لأن كل عام فيها طعن، وفي الوقت نفسه تعرف متابعة مرتفعة فهذه مفارقة طبعًا، لكن يجب أن ننظر إليها بعين ناقدة متفحصة".
وبالتوازي مع الانتقادات المتكررة كل عام، ظهرت بعض الأعمال الكوميدية لفنانين مغاربة اختاروا المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الجمهور كما هو الحال مع الفنان المغربي باسو في سلسلة "السي الكالة".
وحققت الحلقات الأربعة الأولى من سلسلة "السي الكالة" ما يقارب من 10 ملايين مشاهدة. وترمز "الكالة" في العامية المغربية إلى "الوساطة القوية".
مع ذلك، رأى البعض الأسلوب المعتمد "فجًا" و"مباشرًا" في الانتقاد والسخرية من الواقع المغربي، خاصة فيما يتعلق بالحديث عن الفساد والمحاباة.