في الوقت الذي تستعد فيه القوات الإسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية برية، اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة بُثت الأحد أن أي تحرك من جانب إسرائيل لاحتلال قطاع غزة مرة أخرى سيشكل "خطأ فادحًا".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن غارات على غزة؛ ما أدى إلى استشهاد 2670 فلسطينيًا، وإصابة 9600 آخرين، بحسب حصيلة غير محدثة لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
فيما أسفرت العملية التي أطلقتها حركة حماس تحت اسم عملية "طوفان الأقصى" عن مقتل أكثر من 1300 إسرائيلي وأصابت 3715 وأسر ما يزيد عن مئة آخرين، وفقًا لمصادر رسمية إسرائيلية، حسب وكالة الأناضول التركية.
"خطأ فادح"
وردًا على سؤال من مقدم برنامج "ستون دقيقة" سكوت بيلي على شبكة "سي بي أس" عما إذا كان يؤيد أي احتلال لقطاع غزة من قبل الحليفة إسرائيل، أجاب بايدن: "أعتقد أن ذلك سيكون خطأ فادحًا".
وقال: إن حماس "لا تمثل كل الشعب الفلسطيني"، لكنه أضاف أن الغزو و"القضاء على المتطرفين" هو "مطلب ضروري"، حسب تعبيره.
وعندما سئل ما إذا كان يجب القضاء بشكل كامل على حركة حماس التي وصفها بايدن بأنها "مجموعة من الجبناء"، قال بايدن "نعم أوافق على ذلك"، حسب قوله.
وأضاف: "لكن يجب أن تكون هناك سلطة فلسطينية. يجب أن يكون هناك مسار إلى دولة فلسطينية"، مكررًا الدعوة الأميركية لحل الدولتين.
وسأل بيلي الرئيس الأميركي إن كان يتوقع انضمام قوات أميركية إلى الحرب، لكن بايدن الذي سحب قواته من أفغانستان، وأصر على عدم إرسال جنود إلى أوكرانيا أجاب "لا أعتقد أن هذا ضروري".
وتابع "تمتلك إسرائيل واحدة من أفضل القوات المقاتلة، وأنا أضمن أننا سنوفر لهم كل ما يحتاجون إليه".
ونشرت الولايات المتحدة حاملتي طائرات في شرق البحر المتوسط في عرض قوة هام لدعم إسرائيل.
هل ستطلب واشنطن من إسرائيل التخلي عن عمليتها البرية؟
وفي هذا الإطار، يرى عضو مجلس إدارة مركز الدراسات الإقليمية أيمن الرفاتي أنّ الغطاء الأميركي الكبير الذي كان في بداية الحرب على غزة لحكومة بنيامين نتنياهو للانتقام بدأ يتراجع في ظل الإجراءات التي تخالف حقوق الإنسان وتعتبر جرائم حرب كبيرة جدًا.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من غزة، إنّ الجرائم الإسرائيلية بدأت في إحراج الإدارة الأميركية في ظل تعالي الأصوات والتظاهرات والانتقادات للموقف الأميركي الداعم للاحتلال، مشيرًا إلى تصاعد التظاهرات الشعبية العربية في عدد من المناطق القريبة من فلسطين المحتلة.
ويعتبر الرفاتي أن كل هذه التطورات دفعت الإدارة الأميركية إلى التفكير في طريقة لإيجاد حل خلال الفترة الحالية لهذه الحرب، نظرًا لأن استمرار هذا الوضع وذهاب الاحتلال إلى حرب برية قد يؤدي إلى تفجر حرب إقليمية أو حرب متعددة الجبهات على إسرائيل.
ويرى أن من بين الأمور التي قد يطرحها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعد جولته في الإقليم، التراجع عن الاجتياح البري، لا سيما أن الاحتلال لديه مشكلة عملياتية في عدم قدرته على تنفيذ ذلك الأمر.
ويوضح أن هناك خشية من أن دخول قطاع غزة سيؤدي إلى حالة انكسار جديدة في صفوف جيش الاحتلال، إضافة إلى تخوفات أميركية من التطورات التي قد تحدث في المنطقة وتفجر الأوضاع بشكل كبير.
وحسب الرفاتي، فإن هذه الأمر قد يدفع بلينكن حاليًا للضغط على إسرائيل للإسراع في عمليتها تجاه قطاع غزة، ومحاولة إيجاد حل ولهذه الحرب التي ربما تتواصل إلى فترة طويلة أكثر مما سيؤدي إلى مزيد من الضغط على الولايات المتحدة.
ويتابع أن التطورات في غزة قد تدفع الإدارة الأميركية حاليًا لإجراء مباحثات كبيرة بهدف الانتقال من الحل العسكري مع قطاع غزة إلى الحل الدبلوماسي والذهاب نحو صفقة تبادل وصفقة سياسية تنهي حالة الحرب، لكنه أشار إلى أن الإدارة الأميركية تريد أن يكون هناك ترتيبات ترضي إسرائيل في الفترة الحالية.
وفيما يرى أن اجتياح إسرائيل البري بقطاع غزة سواء كان بشكل جزئي أو شامل، ستكون نتائجه كارثية على جيش الاحتلال، يشير إلى أن الاحتلال ربما يذهب لعملية خاطفة على حدود قطاع غزة أو لإحدى الأماكن في القطاع، ويأخذ صورة إعلامية بأنه استطاع أن يدخل القطاع ويخرج منه رغم الخسائر الكبيرة التي قد يمنى بها، لأن الخيارات ليست سهلة أمامه، وليست سهلة كذلك أمام الإدارة الأميركية، في ظل تخوفها من أن استمرار الحرب في قطاع غزة قد تؤدي لتغيرات في البيئة الإقليمية.
ويخلص الرفاتي إلى أن الهدف الرئيسي للإدارة الأميركية حاليًا هو إيقاف الحرب مع حفظ ماء الوجه للجيش الإسرائيلي الذي كسرت صورته.