بتهم فساد مالي.. لبنان يتسلم مذكرة اعتقال دولية بحق حاكم المصرف المركزي
تلقى لبنان مذكرة اعتقال من منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) بحق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، حسبما أفاد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي لوكالة "رويترز" اليوم الجمعة.
وصدرت المذكرة بعد أن أصدرت فرنسا مذكرة لاعتقال سلامة في إطار تحقيقها فيما إذا كان قد اختلس مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة، وهو اتهام ينفيه سلامة.
وكان سلامة قد أعلن الثلاثاء، عزمه الطعن ضد قرار قضائي فرنسي تضمن إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه، بتهم "فساد مالي".
وأفاد مراسل "العربي" بأن إصدار مذكرة الإنتربول تعني حسب مصادر حقوقية أن جهود المحامين التابعين لرياض سلامة في باريس، فشلت في الاستئناف أو تقديم أي حجج لمنع صدورها عن القضاء الفرنسي، خصوصًا أنهم اتخذوا منذ الإعلان عن المذكرة الفرنسية أكثر من خطوة قضائية في باريس لمنع تحويلها إلى منظمة الشرطة الدولية.
وحسب مصادر حقوقية، فمن المتوقع أن تحال هذه المذكرة إلى النيابة العامة التمييزية، بدورها ستستدعي سلامة للاستماع إلى أقواله والبناء عليها وحفظ سيادة لبنان في هذا الإطار، قبل التجاوب من المذكرة، حسب ما أكد مراسل "العربي".
"مطلوب للعدالة الدولية"
وبعد إصدار القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحقه، أصبح سلامة مطلوبًا للعدالة الدولية، إثر ثلاث جولات من تحقيقات الوفد الأوروبي في بيروت للاشتباه بتورطه في قضايا فساد مالي.
ويشتبه المحققون الفرنسيون في أن سلامة راكم أصولًا عقارية ومصرفية عبر مخطط مالي احتيالي معقّد، وإساءة استخدامه أموالًا عامة لبنانية على نطاق واسع خلال توليه إدارة مصرف لبنان طوال ثلاثة عقود، بينما كان من المرجح أن يؤدي مثوله أمام القاضية أود بوريزي الثلاثاء إلى توجيه اتّهامات إليه.
وجاءت مذكرة التوقيف في أعقاب تغيّب سلامة عن المثول أمام القضاء الفرنسي في باريس، والتي بررها محاميه بعدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول.
وبعد الاتهامات الفرنسية وإصدار مذكرة التوقيف الدولية بحقه، تصاعدت أصوات في لبنان تطالب بإقالة حاكم المصرف المركزي.
وقضائيًا، يرى قانونيون أن حاكم مصرف لبنان الذي يعتزم الطعن بالمذكرة الفرنسية، كما ذكر في بيانه قد لا يكون قلقًا على وضعه، لا سيما أن لبنان وبحسب القوانين المحلية، لا يقوم بتسليم أي مواطن لديه إلى دولة أجنبية إلا في حالات استثنائية.
ويترقّب لبنان مسار مذكرة التوقيف، في وقت ترى فيه المعارضة أن القضاء الأوروبي ما كان ليتحرك، لو أدى القضاء اللبناني دوره، في بلاد لا تزال مشاريع استقلالية القضاء فيها "حبرًا على ورق"، بحسب كثيرين.
مسار التحقيقات القضائية
وسيأخذ المسار القضائي لمذكرة التوقيف بحق سلامة وقتًا طويلاً وفق قانونيين، لكن تبعاتها على الداخل اللبناني ستظهر فورًا، إن كان بارتفاع وتيرة المطالبات استقالة سلامة أو بعلاقات المؤسسات المالية الدولية مع لبنان، وفق مراسل "العربي".
وفي 5 مايو/ أيار الحالي، أنهت ثلاثة وفود قضائية أوروبية الاستماع إلى مصرفيين لبنانيين، على رأسهم حاكم مصرف لبنان ضمن تحقيقات في قضايا فساد.
ويتركز عمل الوفود الأوروبية الثلاثة على الاستماع إلى مجموعة من المصرفيين، بصفتهم شهودا ضمن قضايا فساد يحقق فيها القضاء في بلدانهم.
وفي 23 فبراير/ شباط الماضي، اتهم القضاء اللبناني حاكم المصرف المركزي "بارتكاب جرائم بينها اختلاس أموال عامة وغسل أموال".
وفي 2021، وجه الادعاء العام السويسري رسالة إلى لبنان حول الاشتباه باستيلاء رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة، على أكثر من 300 مليون دولار من المصرف، بشكل غير قانوني بين عامي 2002 و2015، حيث "قاما بغسل الأموال في سويسرا".
كما حقق القضاء في لوكسمبورغ في قضية جنائية تتعلق بثروة حاكم مصرف لبنان، في حين أجرى القضاء الفرنسي في يونيو/ حزيران 2021، تحقيقًا بشأن حساباته على خلفية اتهامه بـ"غسل أموال"، دون إعلان نتائج تلك التحقيقات، علمًا بأن سلامة عادة ما ينفي صحة الاتهامات.