تحرك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الإثنين، للتعامل مع الانتقادات المتزايدة داخل صفوف الوزارة بشأن سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ دعا مئات من موظفي الحكومة بشكل علني، وفي أحاديث خاصة إلى وقف لإطلاق النار.
رسائل المعارضة
وقالت مصادر مطلعة على الأمر لوكالة "رويترز"، إن ما لا يقل عن ثلاث برقيات تنتقد سياسة الإدارة، تم إرسالها عبر "قناة المعارضة" الداخلية بالوزارة، التي تأسست خلال حرب فيتنام، وتسمح للدبلوماسيين بإثارة المخاوف بشأن السياسة مع وزير الخارجية دون الكشف عن هوياتهم.
وتركز الانتقادات على دعم بايدن الراسخ لإسرائيل، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث تلاها عدوان إسرائيلي على غزة تسبب باستشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، في واحدة من جرائم الحرب التي ترقى للإبادة الجماعية.
ورفضت واشنطن دعوات من قادة عرب وفلسطينيين وآخرين، لمطالبة إسرائيل بوقف عدوانها على قطاع غزة، لكنها دعت إلى فترات توقف مؤقتة للسماح بدخول المساعدات، وإجلاء الأميركيين والأجانب.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى موظفي وزارة الخارجية، أقرّ بلينكن، الذي عاد لتوه من رحلة استغرقت تسعة أيام إلى الشرق الأوسط وآسيا، بالأثر العاطفي الذي أحدثه الصراع على العاملين وكذلك بالانقسامات المحتملة داخل القيادات حول السياسة.
أطفال وضحايا غزة
وقال بلينكن في الرسالة التي نشرتها وكالة "رويترز": "أعلم أن المعاناة التي سببتها هذه الأزمة بالنسبة للكثيرين منكم لها أثر كبير على المستوى الشخصي".
وأضاف: "المعاناة المصاحبة لرؤية صور يوميًا للرضع والأطفال والمسنين والنساء وغيرهم من المدنيين الذين يعانون في هذه الأزمة أمر مؤلم. وأنا شخصيًا أشعر بذلك".
وتابع: "أعلم أيضًا أن بعض الأشخاص في الوزارة قد يختلفون مع الأساليب التي نتبعها، أو لديهم وجهات نظر حول ما يمكننا القيام به بشكل أفضل. لقد نظمنا منتديات في واشنطن للاستماع إليكم، وشجعنا المديرين والفرق على إجراء مناقشات صريحة مع العاملين حول العالم على وجه التحديد، حتى نتمكن من سماع تعليقاتكم وأفكاركم. لقد طلبت من قيادتنا العليا الاستمرار في القيام بذلك".
وكان موقع "هافينغتون بوست" أول من أورد تقريرًا عن هذا البريد الإلكتروني، فيما تأتي رسالة بلينكن وسط احتجاجات حاشدة في الولايات المتحدة ودول أخرى تطالب بوقف إطلاق النار، وقلق واسع النطاق بين المسؤولين بشأن تعامل الولايات المتحدة مع الحرب على غزة.
وكان أحد مسؤولي وزارة الخارجية قد أعلن في وقت سابق استقالته، وقال إنه يعارض استمرار تقديم دعم لإسرائيل يتسبب في سقوط الضحايا المدنيين الفلسطينيين.
"إحباط عميق"
وفي الأسبوع الماضي، نشر أكثر من 500 شخص عملوا في حملة بايدن الانتخابية عام 2020 رسالة تدعو الرئيس إلى دعم الوقف الفوري لإطلاق النار. ونظمت مجموعة من موظفي الكونغرس وقفة احتجاجية، يوم الأربعاء الماضي، في مبنى الكابيتول للمطالبة بوقف إطلاق النار، بحسب صور تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما تشير بعض المصادر إلى وجود "إحباط عميق" بين العاملين في وزارة الخارجية، يقول عدد من المسؤولين إن ترحيب قيادة الوزارة بمجموعة متنوعة من الأصوات من غير المرجح أن يغير سياسة بايدن بشكل جذري.
وفي مؤتمر صحفي أمس الاثنين، قال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر: إن بلينكن التقى بعدد من الأشخاص من مكاتب مختلفة داخل الوزارة للاستماع إلى آرائهم حول السياسة المتعلقة بدعم إسرائيل.
وأضاف ميلر: "إنه يشجع الناس على تقديم تعليقات. ويشجع الناس على التحدث إذا اختلفوا. وهذا لا يعني أننا سنغير سياستنا بناء على ما يختلفون عليه".