اعتبر العالم الأميركي جون هوبفيلد الذي نال جائزة نوبل الفيزياء لأبحاثه الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي أن التقدم التكنولوجي الأخير "مقلق جدًا"، محذرًا من كارثة محتملة إذا لم يتم ضبطه.
ودعا البروفيسور الفخري في جامعة برينستون إلى فهم أفضل لكيفية عمل هذه الأنظمة توخيًا للحؤول دون خروجها عن نطاق السيطرة.
أمر "مقلق جدًا"
وقال الباحث البالغ 91 عامًا في كلمة بالفيديو من بريطانيا للمشاركين في لقاء بجامعة نيوجيرسي أمس الثلاثاء: إنه شهد خلال حياته ظهور تقنيتين قويتين ولكن من المحتمل أن تكونا خطيرتين هما الهندسة البيولوجية والفيزياء النووية.
وقال: "نحن معتادون على التقنيات التي ليست جيدة أو سيئة حصرًا، بل يمكن أن تسير في الاتجاهين".
وأضاف: "كعالم فيزياء، يقلقني كثيرًا أمر لا يمكن السيطرة عليه، وأمر لا أفهمه بما يكفي لمعرفة الحدود التي يمكن وضعها على هذه التكنولوجيا". ورأى أن هذا هو "السؤال الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي".
فمع أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة تبدو وكأنها "عجائب مطلقة"، وفق وصفه، لاحظ أن كيفية عملها لا تزال غير مفهومة جيدًا، معتبرًا أنه أمر "مقلق جدًا".
وتابع قائلًا: "لهذا السبب، أُشدّد، تمامًا كجيفري هينتون (الحائز أيضًا على جائزة نوبل الفيزياء)، على ضرورة فهم أفضل"، متوقعًا أن "قدرات تتجاوز تلك التي يمكنك تخيلها الآن" ستظهر في هذا المجال.
خشية حقيقية
ويتخوف البعض من أن يؤدي الصعود السريع للذكاء الاصطناعي والسباق المحموم بين الشركات إلى تطور هذه التكنولوجيا بوتيرة أسرع مما يستطيع العلماء فهمه.
وأعرب جون هوبفيلد عن خشيته من أن تنطوي جهود تطوير هذه التكنولوجيا على "أمر عفوي ولكن غير مرغوب فيه".
وقال هوبفيلد: "أنا أقلق من أي شيء لسان حاله.. أنا أسرع منك، أنا أكبر منك".
واستشهد بمثال مادة "آيس-ناين" ice-nine الخيالية التي اخترعها مؤلف روايات الخيال العلمي كورت فونيغوت في كتابه الصادر عام 1963 بعنوان "مهد القطة" Cat's Cradle، وطُوّرت لمساعدة الجنود الذين يضطرون إلى التنقل في الوحل، ولكنها تتسبب بطريق الخطأ في تصلّب المحيطات، مما يتسبب في فقدان الحضارة الإنسانية.
ومن الأمور المثيرة أن عمليات الاستنساخ الصوتي من خلال الذكاء الاصطناعي، في ازدياد كبير بسبب قدرة هذه التكنولوجيا على نسخ الأصوات بدقة، يصعب معها التمييز بينهم.
ويقول خبراء: إن أجهزة إنفاذ القانون والمحاكم غير مهيأة لكبح عمليات الاحتيال المزدهرة هذه، حيث أن معظم الضحايا لديهم عدد قليل من القيود التي تحدد هوية الجاني، ويصعب على الشرطة تتبع المكالمات والأموال.
كما أنه من خيال علمي إلى علم حقيقي، يتطور الذكاء الاصطناعي بفضل تقنيات تعطيه القدرة على الاستنباط لتحرره من مجرد آلة مبرمجة، ليقوم بوظيفة محددة.
وهذا ما يدفع علماء اليوم نحو التسابق لتطوير الأفضل في مجال الذكاء الاصطناعي القادر على استيعاب كمّ هائل من البيانات وتحليلها، واستنتاج أنماطٍ يحوّلها إلى أفكار تبعًا للأغراض المراد تحقيقها.