بعد إقالة المنقوش.. هل تُطوى أزمة اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي؟
لم يتضح بعد الخيط الأبيض من الأسود من حقيقة تفاصيل وتداعيات اللقاء الذي جمع وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.
وما زالت تفاعلات القضية تغلي في الساحة الليبية التي توالت فيها بيانات الإدانة الرسمية والشعبية على حد سواء لهذا اللقاء.
كما شهدت احتجاجات تخللتها أعمال عنف. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وقفت البلاد على قدم واحدة من أجل الوصول إلى الحقيقة الكاملة عن ظروف اللقاء الذي تضاربت الأنباء بشأنه.
إقالة المنقوش
وتمثّل آخر تطورات القضية في إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إقالة المنقوش من منصبها على خلفية اللقاء.
وجاء إعلان الدبيبة بالتنسيق مع المجلس الرئاسي وأثناء زيارة له ولرئيس المجلس محمد المنفي لمقر السفارة الفلسطينية في طرابلس.
وكان الدبيبة قد قرّر ليل الأحد إيقاف المنقوش وإحالتها إلى التحقيق، كما جّدد التأكيد على عدم علمه باتصالها مع الجانب الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، أكد جهاز الأمن الداخلي الليبي أن المنقوش لم تمر بالقنوات الرسمية في مطار المعيتيق الدولي بعد أن وُضع اسمها على قائمة الممنوعين من السفر في إشارة لشائعات سرت بشأن فرارها إلى الخارج.
من جهتها، أصدرت الخارجية الليبية بيانًا أوضحت فيه أن لقاء المنقوش بكوهين في روما كان عرضيًا وغير رسمي وليس مرتب مسبقًا.
وفي المقابل، سرّبت مصادر ليبية وإسرئيلية معلومات تفيد بأن الدبيبة كان على علم باتصالات المنقوش مع الجانب الإسرائيلي، وقد أعطى الضوء الأخضر لها للاجتماع بكوهين الشهر الماضي.
تطبيع صريح
في هذا السياق، اعتبر رئيس تجمع ليبيا ضد التطبيع عدنان النجار أن الرواية الرسمية "لا تنطلي حتى على الأطفال".
وقال في حديث إلى "العربي" من طرابلس: "بالنسبة لليبيين وللشعوب العربية، فإن التطبيع مع الكيان الصهيوني خط أحمر ولا مجال فيه للمناقشة أو للمساومة".
وأشار إلى أن حقيقة أن "المنقوش رفضت لقاءات سابقة لا يعطيها مبررًا للقاء وزير خارجية الكيان العدو الآن".
كما رأى أن هذا اللقاء يعتبر "تطبيعًا صريحًا"، مشككًا في صحة الرواية التي قدمها الدبيبة.
اختبار لفكرة التطبيع
من جهته، اعتبر الأمين العام لحزب ليبيا الأمة ناصر أبو ديب أن الموضوع أخذ أكثر من حجمه الذي تسببت به مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال في حديث إلى "العربي" من طرابلس: "عندما نتحدث عن مسألة التطبيع لا بد أن نعرّف ما هو التطبيع"، معتبرًا أن ليبيا ليست في وضع سياسي واقتصادي وأمني يسمح لها بالتحدث عن هذا الموضوع.
وأضاف: "التطبيع يكون في جميع المجالات الأمنية والعسكرية والثقافية والاقتصادية، لكن أن يكون هناك مجرد لقاءات فقد أخذ الموضوع أكبر من حجمه".
وأشار أبو ديب إلى أن المنقوش لم تكن لوحدها ويجب ألا تذهب كبش فداء، معتبرًا أن إعلان كوهين عن اللقاء الآن هو اختبار لفكرة التطبيع.
مسار ترويجي
بدوره، لفت الباحث المتخصص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى أن لدى تل أبيب 3 مسارات، استخباراتي وعسكري وترويجي في علاقاتها الخارجية.
وأشار جبارين إلى أن التطبيع مع دول عربية وإسلامية لطالما اعتبرته إسرائيل إنجازًا قوميًا يوثّق مكانتها في الشرق الأوسط، دون أن تقدم تنازلات في القضية الفلسطينية.
كما اعتبر جبارين أن كوهين استعجل في الإفصاح عن مسار العلاقات مع ليبيا، وشرح أن الوصول إلى التطبيع يسبقه مسار طويل.