أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن تنظيم مونديال 2030 بشكل مشترك في كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال كمونديال "فريد"، مع احتفالية خاصة تعود بكأس العالم إلى أرض انطلاقته الأولى، وتحديدًا في أوروغواي، بالإضافة إلى أميركا الجنوبية عمومًا، بمناسبة مئوية الكأس الأولى.
وسيعيش جمهور كرة القدم الممتد عبر العالم نسخة مختلفة في ثلاث قارات، يحضر فيها المغرب كثاني بلد عربي يحتضن نهائيات كأس العالم، بعد نسخة عالمية رائعة أهدتها دولة قطر في مونديال 2022 إلى العالم.
جهوزية الدول لاستضافة مونديال 2030
وبمجرد إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم عن أسماء الدول المحتضنة لهذا العرس الكروي العالمي، طفى إلى السطح نقاش يرتبط بجاهزية المنشآت الرياضية في كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستقبال المنتخبات الثمانية والأربعين المشاركة في المونديال، ومدى استعداد البنيات التحتية في تلك الدول لاستضافة عشاق المستديرة من كافة بقاع العالم.
ومع بقاء سبع سنوات على انطلاق البطولة، لا يبدو أن البلدان الثلاثة ستواجه أي معوقات تتعلق بالملاعب المخصصة لإقامة المباريات وكذلك التدريبات. ففي إسبانيا عدد كبير من الملاعب الجاهزة، وكذلك الأمر ينطبق على البرتغال، في حين يملك المغرب ملاعب جاهزة وأخرى انطلقت عمليات بنائها فعليًا، بمعايير عالمية تتوافق مع شروط "الفيفا".
بطولة ببعد عربي
وفي هذا السياق، يبدو المغرب مدفوعًا بما حققه من إنجازات على المستوى القاري والعالمي، بعدما حلّ رابعًا خلال نهائيات كأس العام الماضية بقطر، وكذلك حجم الاستثمارات التي ضختها الدولة المغربية من أجل تطوير البنيات التحتية الرياضية وبناء مزيد من المنشآت، في مسعى لأن تكون قاطرة نحو مزيد من التنمية.
وإذا كان الجمهور العربي على وجه التحديد يضع حاليًا مشاركة المغرب في هذا الحدث العالمي بين عينيه، إلا أن إعلان السعودية ترشحها لاحتضان نهائيات مونديال 2034، يضفي على هذه البطولة بعدًا عربيًا مختلفًا، يسعى إلى التأثير في المركزية الغربية التي احتكرت التنظيم لسنوات، ويدعم الجهود العربية لاستضافة الحدث الرياضي الأبرز على مستوى العالم.
طموح مشروع
وفي هذا الإطار، يشير الباحث المتخصص في السياسات الرياضية المنصف اليازغي إلى أن للمغرب مسار طويل مع كأس العالم فهو البلد الوحيد الذي استمر بتقديم ملفه في كل مرة، وأوضح أنه ما بين دورات عامي 1994 و2030 قدّم المغرب ملفه للمرة السادسة ليفوز بتنظيم دورة 2030.
وقال اليازغي في حديث إلى "العربي" من الرباط: "كان هذا الطموح طموحًا مشروعًا وكان المغرب في كل مرة يمرّ بجانب الكأس لأسباب موضوعية أو ذاتية وأحيانًا لوجود تواطؤ كما حصل في دورة 2010 في جنوب إفريقيا".
ولفت اليازغي إلى أن رفض الملف في السنوات الأولى كان موضوعيًا لأن المغرب كان يقدّم فقط أشكالًا هندسية للملاعب ولم يكن جاهزًا على مستوى البنية التحتية. وأضاف: "المغرب اليوم ليس كما كان عليه قبل 10 أو 20 عامًا بل تطور على مستوى البنية التحتية"، مشيرًا إلى أن المغرب قام بخطوة مهمة حيث أعلن ملك المغرب محمد السادس عندما خسر ملفه لاستضافة دورة 2010 أن بلاده ستستمر ببناء الملاعب كما لو أنها ستستضيف دورة 2010 وبالتالي تم بناء أربعة ملاعب.
تأثير بطولة قطر
من جانبه، يؤكد المتحدث الرسمي السابق باسم اللجنة العليا للمشاريع والإرث التي أشرفت على تنظيم مونديال قطر، خالد النعمة أن بطولة 2022 في قطر كسرت صورة نمطية كانت سائدة لسنوات طويلة.
ولفت نعمة في حديث إلى "العربي" من الدوحة إلى أن تلك البطولة ساهمت بشكل كبير في تسليط الضوء ليس على دولة قطر والخليج العربي فحسب بل على الثقافة العربية الممتدة، بحيث قدّمت نموذجًا مختلفًا غير اعتيادي لتنظيم بطولة تتلاقى فيها الثقافات بطريقة سلمية وودية بعيدًا عن كل ما تأتي به كرة القدم أحيانًا من مشاكل جانبية.
وقال نعمة: "أعتقد أن ذلك النجاح شجّع الاتحاد الدولي لكرة القدم والمجتمع الدولي على تقبل حقيقة أن كرة القدم ليست لعبة محتكرة من منطقة جغرافية"، متمنيًا نجاح المملكة المغربية والسعودية في مساعيها.
ترشح السعودية لاستضافة كأس العالم 2034
وحول إعلان السعودية نيتها استضافة المونديال، أكّد الكاتب المختص في الإعلام الرياضي عبد العزيز اليوسف على الطموح السعودي الكبير للفوز بتنظيم كأس العالم 2034، مشيرًا إلى أهمية الرياضة في ظل وجود الكثير من المقومات الاقتصادية والثقافية والسياحية في المملكة العربية السعودية.
وقال اليوسف في حديث إلى "العربي" من الرياض إن المملكة "حققت تطورًا كبيرًا في مجالات مختلفة على المستوى الثقافي والاجتماعي والسياحي ما يمثل أرضية تتيح لها تنظيم هذه المظاهرة الرياضية"، لافتًا إلى وجود متسع من الوقت قبل دورة 2030.
كما أشار اليوسف إلى ما وصفه بالامتداد العربي من قطر إلى المغرب ومن ثم إلى السعودية معتبرًا أن الكثير من الخبرات التي قدمتها قطر ستنتقل إلى المغرب ومنه إلى السعودية.