جدّدت المخاطر الناجمة عن حرب نووية والتغير المناخي المخاوف من تهديدات مباشرة للعالم أجمع، إذ لم يتوقع كثيرون أن يتطرق الرئيس الأميركي جو بايدن خلال هذا العام إلى "خطر نهاية العالم"، على خلفية تهديدات أطلقتها روسيا باستخدام الأسلحة النووية خلال هجومها على أوكرانيا.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال بايدن: "لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ (عهد) كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية" عام 1962.
واعتبر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن يمزح عندما هدد باستخدام الأسلحة النووية، مؤكدًا أن ذلك قد يكون مقدمة لما وصفه بـ"حرب نهاية العالم".
وخلال هذا العام، الذي بلغ فيه عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن كوكب الأرض يسلك "الطريق السريع إلى جحيم مناخي".
وفي ظواهر قصوى، نُسبت على نطاق واسع إلى تغير المناخ، غمرت مياه الفيضانات ثلث أراضي باكستان، وقضى الجفاف على المحاصيل في منطقة القرن الإفريقي، وسط إخفاق عالمي في تحقيق هدف حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.
"ساعة نهاية العالم"
وفي تقرير سنوي، حذّرت مؤسسة التحديات العالمية، وهي مجموعة سويدية تجري تقييمًا للمخاطر الكارثية، من أن خطر استخدام أسلحة نووية هو الأكبر منذ عام 1945 حين دمّرت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الضربتين الذريتين الوحيدتين في التاريخ.
وحذرت المؤسسة في تقريرها من أن حربًا نووية شاملة وبالإضافة إلى ما سينجم عنها من خسائر بشرية، من شأنها أن تطلق سحبًا من الغبار تحجب الشمس وتقلّص القدرة على زراعة الأغذية وتؤدي إلى "فترة من الفوضى والعنف، غالبية الناجين سيموتون من الجوع خلالها".
وقالت المحاضِرة في جامعة شيكاغو، كينيت بينيدكت، التي قادت فريق معدي القسم النووي للتقرير، إن: المخاطر أكبر مما كانت عليه أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، إذ يبدو مستشارو الرئيس الروسي أقل قدرة على لجمه.
وفي حين أن أي ضربة نووية روسية ستشمل على الأرجح أسلحة "تكتيكية" صغيرة، يخشى خبراء تصعيدًا سريعًا إذا ردت الولايات المتحدة.
وفي يناير/ كانون الثاني المقبل، ستقوم المجلة بنشر أحدث تقييم لها لـ"ساعة نهاية العالم" المضبوطة منذ عام 2021 عند مئة ثانية قبل منتصف الليل (منتصف الليل في هذه الساعة يرمز إلى نهاية العالم، فيما ترمز الثواني المئة إلى خطر اقتراب نهاية العالم).
كذلك، تعتقد الاستخبارات الأميركية أن كوريا الشمالية مستعدة لإجراء تجربة نووية سابعة، وسبق أن أعلن بايدن فعليًا تلاشي احتمالات الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وسط توترات بين الهند وباكستان لا تزال قائمة.
ووجّهت بينيدكت انتقادًا لمراجعة إدارة بايدن موقفها في الملف النووي واحتفاظها بحق الولايات المتحدة في استخدام الأسلحة النووية في "ظروف قصوى". وقالت: "أعتقد أن هناك نوعا من التآكل المطّرد في القدرة على إدارة الأسلحة النووية"، بحسب "فرانس برس".
وقبيل المحادثات التي أجريت في مصر، اعتبر خبراء الأمم المتحدة أن العالم يتجّه نحو احترار يتراوح بين 2,1 و2,9 درجة مئوية، لكن خبراء من خارج الهيئة الأممية يحذّرون من أن الرقم أعلى بكثير، مع تسجيل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عام 2021 رقمًا قياسيًا جديدًا على الرغم من الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
ومن شأن التغير المناخي أن يسبب آثارًا مضاعفة على الأغذية، مع تراجع محاصيل القمح والحبوب في مناطق عدة كانت سابقًا غنية بها، ما يزيد من مخاطر المجاعة وبالتالي الاضطرابات السياسية والنزاعات.
تقدم وتفاؤل
لكن شهد هذا العام حالة من التفاؤل رغم ذلك، ففي حين تشهد الصين في نهاية 2022 طفرة في وفيات كوفيد-19، ساعدت اللقاحات كثيرًا من دول العالم على طي صفحة الفيروس.
وفي تطوّر فاجأ المراقبين، تم التوصّل في مؤتمر حول التنوّع البيولوجي ترأسته الصين واستضافته مونتريال في ديسمبر/ كانون الأول، إلى اتفاق نص على حماية 30% من أراضي وبحار العالم.
وأحد أبرز المنتقدين الحاليين للتشاؤم هو الأستاذ في جامعة هارفارد ستيفن بينكر، الذي يشدد على أن العنف تراجع بشكل كبير في العصر الحديث.
وفي تصريحات أدلى بها بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، أقر بينكر بأن بوتين أعاد إطلاق الحروب بين الدول. لكنّه شدد على أن فشل الهجوم يمكن أن يعزز الاتجاهات الإيجابية.
وأقر بايدن في كلمة وجّهها إلى الأميركيين بمناسبة عيد الميلاد بأن الأوقات عصيبة، لكنه أشار إلى تراجع كوفيد ومعدّلات التوظيف الإيجابية، قائلاً: "نحن بالتأكيد نحرز تقدمًا. الأمور تتحسن".