بين بارقة الأمل والتلويح بالحرب.. كيف تسير سابع جولات مفاوضات فيينا؟
بعد أسبوع توقفت فيه المفاوضات وتصاعدت الشكوك تجاه احتمال العودة من جديد للاتفاق النووي، بدأت تلوح مجددًا بارقة أمل من فيينا بشأن إمكانية إحيائه.
وتتحدث وفود التفاوض في العاصمة النمساوية عن هوة بدأت تُجسر بين مختلف الأطراف، برغم التباينات الموجودة في أكثر من ملف.
وقد تشي التصريحات الواردة على لسان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي جدّد التزام بلاده بجدية المفاوضات، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي خاض مباحثات وصفها بالبناءة مع الأوروبيين؛ بأن انفراجة ما قد تحدث في الأيام المقبلة.
"مثار خلاف مع تل أبيب"
وفيما عادت الإدارة الأميركية للنهج الذي تفضله مع إيران، أي الدبلوماسية، أشارت صحف أميركية إلى أن ذاك الموقف كان مثار خلاف جديد بين واشنطن وتل أبيب.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن المسؤولين الإسرائيليين يخشون اتفاقًا أميركيًا "معيبًا" مع إيران، وكانت تلك ربما خلاصة اللقاء الذي عُقد بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والإسرائيلي بيني غانتس إعدادًا لضربة محتملة تستهدف برنامج إيران النووي.
واليوم، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عن إيعازه للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لخيار عسكري ضد إيران، وبدء محاكاة لسيناريو مواجهة ما معها.
"لا تقدم في مفاوضات فيينا"
تعليقًا على هذه التطورات، يشير الكاتب السياسي هلال العبيدي إلى أن أي تقدم لم يحصل في مفاوضات فيينا، لافتًا إلى عدم حضور المبعوث الأميركي روبرت مالي إلى هذه المفاوضات لعدم جديتها.
ويرى في حديث إلى "العربي" من باريس، أن هناك إيحاء من الطرف الإيراني بوجود تقدم، لا وجود له في حقيقة الأمر.
ويلفت إلى أن "الوفد الإيراني المفاوض بقيادة علي باقري كني طرح ملفات جديدة، لم تكن موجودة أصلًا خلال 6 جولات من المفاوضات".
ويقول: إن غياب المبعوث الأميركي، ووجود انغلاق في هذا الملف وفجوة بين ما تريده إيران وما توصلنا إليه خلال ست جولات من المفاوضات، "لا يعطي بارقة أمل في أن هناك تقدما".
وبينما يؤكد أنه ليس هناك جديد، يشير إلى أن الأوروبيين يريدون من جميع الأطراف الوصول إلى نتائج معينة، غير أن هناك فجوة بين ما يريده الإيرانيون وما يريده المجتمع الدولي: أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وهذه الدول التي تحاول إيجاد أرضية مشتركة لهذه المفاوضات.
"إيران لم ترفض مسودات يونيو"
من ناحيته، يوضح أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران حسن أحمديان أن إيران لم ترفض مسودات يونيو/ حزيران، بل أتت بنقاط جديدة حول بعض الأمور التي رأت فيها غموضًا.
ويقول في حديث إلى "العربي" من طهران: إن الموقف الإيراني مفاده أن هذه المسودات موجودة، لكن هناك نقاط يجب إيضاحها، ولا يجب العودة للوراء، بل البناء عليها للوصول إلى أمور يتم الاتفاق عليها.
وإذ يشير إلى إعلان كل من روسيا والصين وإيران أن هناك تقدما، يردف بالقول: "لا نعلم ما هو فحوى هذا التقدم، لكن من الواضح أن هناك خلافات عميقة، والبدء بالمفاوضات هو أساسًا لردم تلك الهوة الواسعة".
ويضيف: "يظهر من التصريحات الإيرانية أن هناك انفتاحا أوروبيا على المقترحات الإيرانية؛ هناك مفاوضات، وعندما يقول الناطق باسم الخارجية الإيرانية إن خرقًا سيحدث في الأيام القادمة، بتقديري أنه لا يفصلنا عن ذلك إلا أيام. وبالتالي ربما هناك تقدم خلف الأبواب".
ويؤكد أن الإيرانيين يريدون اتفاقًا، متداركًا بالقول: "لكن أن نعود إلى أمر ملزم لنا دون غيرنا، فذلك مرفوض إيرانيًا".
"خلاف جدي بين تل أبيب وواشنطن"
بدوره، يوضح مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان أنه عند الحديث عن تقدم في مفاوضات جدية وصعبة مثل مفاوضات فيينا، يجب أولًا أن نعي أن التقدم فيها هدف متحرك، وما يُعتبر تقدمًا اليوم لم يكن تقدمًا بالأمس أو الشهر الماضي.
ويلفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن الأمور تتحرك بسرعة، وتتغير، ويجب أخذها بعين الاعتبار.
ويردف: يجب علينا ثانيًا عدم الخلط بين نتائج المفاوضات والمناورات التكتيكية من قبل جميع الأطراف.
ويشير إلى أن "المرحلة التي انتهت يوم الخميس، كانت مرحلة شد عضلات، بمعنى أن كل طرف كان يحاول الضغط على الأطراف الأخرى للتخفيف من وطأة مطالبه".
ويتابع: "الآن انتهت هذه المرحلة. ففي بداية الجلسة السابعة أعتقد أننا دخلنا مرحلة أكثر جدية مما شاهدنا في الماضي. ومن هنا هذا التفاؤل ولو الطفيف أو الجزئي من قبل جميع الأطراف، بأن هناك مؤشرات جديدة تبرز اليوم بالنسبة للتقدم في المحادثات".
ويلفت إلى أن "التقدم في نهاية المطاف هو في عين الناظر"، شارحًا أن "ما يُرى أنه تقدم في واشنطن قد لا يُعتبر تقدمًا في فيينا أو طهران".
إضافة إلى ذلك، يعرب عن اعتقاده بأن "هناك خلافا جديا بين تل أبيب وواشنطن، وهو ليس بجديد".
ويشرح أن الجديد هو أن هناك حكومة في إسرائيل تعترف بوجود خلاف بالنسبة لتوقعاتها حول الاتفاق النووي الإيراني، وتوقعات الولايات المتحدة، لكنها اختارت بدلًا من المواجهة العامة أن تتعاون مع هذه الإدارة".
ويشير إلى أن إسرائيل "مستمرة في محاولة ثني الإدارة الأميركية عن المضي قدمًا في المفاوضات، وتحاول إقناع بايدن بأنها عبثية ويجب الانسحاب منها، وبأن إيران لن تلتزم في حال تم التوصل إلى اتفاق، وبأن على الإسرائيليين والأميركيين لذلك الاستمرار في التحضيرات حتى العسكرية منها".
ويضع في هذا الإطار الإعلان عن المناورات العسكرية الأميركية ـ الإسرائيلية التي رفضتها إيران، وتأتي تحضيرًا في حال فشل المفاوضات في فيينا.