قررت المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع اليوم الثلاثاء، وجوب تجنيد المتدينين اليهود في الجيش، وعدم حصول المدارس الدينية على تمويل حكومي إذا لم يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية، مما يؤجج الجدل في هذا الشأن في إسرائيل.
وصدر الحكم ردًا على قائمة طويلة من الالتماسات المقدمة، التي تطالب بتجنيد طلاب المدارس الدينية أسوة بغيرهم من الإسرائيليين، وسحب الميزانيات من المؤسسات التي لا يجند طلابها.
وتشير تقديرات مراقبين، إلى أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية سيكون له تأثير على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تضمّ أكبر حزبين دينيين، وتسعى لتمرير قانون في الكنيست لمنح إعفاءات للمتدينين.
"المحكمة العليا" تقضي بوجوب تجنيد المتديّنين اليهود
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "قضت المحكمة بالإجماع بهيئة من 9 قضاة، أنه لا يوجد إطار قانوني يسمح بعدم تجنيد طلاب المدارس الدينية في الجيش الإسرائيلي".
وأضافت: "كما قررت المحكمة أنه في حالة عدم وجود إطار قانوني للإعفاء من التجنيد، لا يمكن الاستمرار في تحويل أموال الدعم إلى المدارس الدينية وللطلاب الذين لم يحصلوا على إعفاء أو الذين لم يتم تأجيل خدمتهم العسكرية".
وتعليقًا على قرار المحكمة، قال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان في منشور على منصة "إكس": "بعد سنوات من التشهير ومحاولات التوصل إلى تسويات وتفاهمات، اتخذت المحكمة العليا قرارًا ينصف الجمهور الذي يتحمّل العبء".
وأضاف: "أهنّئ المحكمة العليا على هذا القرار، فهو خطوة مهمة على طريق التغيير التاريخي"، وفق وصفه.
من جانبه قال زعيم حزب "شاس" الحاخام أرييه درعي: "لا توجد قوة في العالم ستمنع شعب إسرائيل من دراسة التوراة، ومن حاول ذلك في الماضي فقد فشل فشلًا ذريعًا".
أما وزير البناء والإسكان الحاخام يتسحاق جولدكنوبف من حزب "يهدوت هتوراه"، فقال في منشور على منصة "إكس": "إنه قرار متوقع ومؤسف ومخيب للآمال للغاية"، حسب تعبيره.
وأضاف: "لقد أنشئت إسرائيل لتكون موطنًا للشعب اليهودي، الذي تعتبر توراته أساس وجوده. التوراة المقدسة سوف تنتصر"، وفق قوله.
أزمة تجنيد "الحريديم"
ومنذ 2017، فشلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد "الحريديم"، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونًا شُرّع عام 2015 وقضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمسّ بـ"مبدأ المساواة".
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية، ومع نهاية مارس/ آذار الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ"الحريديم".
وفي فبراير/ شباط الماضي، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرًا يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد "الحريديم".
ونهاية مارس، أصدرت المحكمة أمرًا مؤقتًا بوقف الدعم المالي لطلاب مؤسسات التوراة المطلوب منهم التجنيد.
وفيما تعارض الأحزاب الدينية قانون تجنيد "الحريديم"، فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيده، ما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم.
ويشكل المتدينون اليهود نحو 13% من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.7 ملايين نسمة، وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرّسون حياتهم لدراسة التوراة.
ويُلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عامًا بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء "الحريديم" من الخدمة جدلًا طوال العقود الماضية.
لكن تخلّفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي، زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في "تحمّل أعباء الحرب".
وتواصل إسرائيل عدوانها على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، رغم قرارَي مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في القطاع.
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير أمنها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.