أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون أن جيش البلاد "محترف" و"بعيد عن السياسة"، مشيرًا إلى أنه تم "تقريبًا تلبية أغلب مطالب" ما وصفه بـ"الحراك الأصيل".
جاء ذلك في مقابلة مع ممثلي عدد من وسائل الاعلام الوطنية، بثّها التلفزيون الرسمي، أطلق خلالها تبون مجموعة مواقف على الصعيدين المحلي والعالمي.
وإذ أكد أن "الدولة باشرت التغييرات التي طالب بها الشعب الجزائري"، دعا إلى "تغير الذهنيات في الإدارة التي تعرقل أحيانًا قرارات يتخذها الرئيس".
عودة المسيرات "لا تزعج" تبّون
وشدّد تبون خلال المقابلة على أن "الدولة باشرت التغييرات التي طالب بها الشعب الجزائري، فيما بقي أشخاص محصورون بذهنيات قديمة ويطالبون بالتغيير، فيما يرفضون هم أن يتغيروا"، مضيفًا أن "تطور أي دولة يكون بتطور شعبها".
كما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية أن تبون توجه بخطابه إلى "أشخاص يحاولون زرع اليأس في نفوس الجزائريين"، وهم يشكلون "أقلية تحاول فرض رأيها على الأغلبية الصامتة، وهم عبارة عن أبواق تنفخها أطراف في الخارج"، على حدّ تعبيره.
ورأى الرئيس الجزائري أن هذه الأقلية "صوتها يسمع فقط إذا كان لديها ما تنفع به البلاد، لكن دون أن تفرض رأيها على الأغلبية".
وفي 2 أبريل/ نيسان 2019، اضطر عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة من الرئاسة (1999-2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه ومطالبة بالتغيير، وأكّد تبون خلال المقابلة أن عودة مسيرات الحراك الشعبي، خلال الأيام الأخيرة، "لا تزعجه".
وأردف: "نحن اليوم في الذكرى الثانية للحراك الشعبي، والشعب ربما خرج ليذكر بهذه المناسبة، وهناك آخرون خرجوا لأسباب أخرى، وليس كلهم مع مطالب الحراك الأصلي، الذي تم تقريبًا تلبية أغلب مطالبه، على غرار إلغاء العهدة الخامسة؛ ولاية رئاسية خامسة كان يريدها بوتفليقة، وعدم تمديد العهدة الرابعة، والتغيير الحكومي، وحل البرلمان".
وأضاف أن "التغييرات المجتمعية هي التي تأتي بالتغييرات المؤسساتية"، داعيًا إلى "تغير الذهنيات في الإدارة التي تعرقل أحيانًا قرارات يتخذها الرئيس"، ومتوعدًا بالوقوف في وجه هذه التصرفات "بالمرصاد".
تبون:"جيش البلاد محترف"
وفي السياق عينه، وصف تبون الجيش الجزائري بأنه "محترف" و"بعيد عن السياسة"، ردًا على سؤال حول مطالب بـ"تمدين" نظام الحكم في الجزائر، مضيفًا أن نظام الحكم في الجزائر واضح.
وأضاف: "لا أظن أن هناك جيشًا في العالم الثالث محترف مثل الجيش الجزائري، وهو يطبق تعليماتي بصفتي وزيرًا للدفاع، وقائدًا أعلى للقوات المسلحة".
ويتردد في المسيرات الشعبية للحراك، منذ اندلاعه في 22 فبراير/ شباط 2019، شعار "مدنية وليس عسكرية" من جانب نشطاء يطالبون بإقامة دولة ديمقراطية مدنية.
وفي هذا السياق، شدّد تبون على أن رافعي هذه الشعارات "أقلية"، مضيفًا أنه شعار قديم تتبناه أطراف لم يسمها منذ قرابة 15 سنة.
يذكر أن تبون تولى سدّة الرئاسة في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2019، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية عقب استقالة بوتفليقة.
تبون يرّد على فرنسا
وكانت وسائل إعلام فرنسية، قد نقلت مؤخرًا تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل بأن الجزائر وافقت على المشاركة في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل.
وحول هذا الموضوع ردّ تبون أن بلاده لن تشارك بوحدات من الجزائر في حملة مكافحة الإرهاب التي تقودها باريس، بالساحل الإفريقي، نافيًا قبول طلب فرنسي في هذا الصدد. وقال: "لن نشارك في هذه العمليات ولن أرسل أبناء شعبي الموجودين في الجيش للتضحية مع أي طرف".
كما أشار تبّون إلى أنّ مواطنيه "لن يتخلّوا أبدًا عن ذاكرتهم"، وذلك في معرض تعليقه على التقرير الذي قدّمه المؤرّخ الفرنسي بنجامان ستورا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون حول "مصالحة الذاكرة" بين فرنسا والجزائر.
وقال تبّون للصحافيين: "لن تكون هناك علاقات حسنة على حساب التاريخ أو على حساب الذاكرة، لكنّ الأمور تُحل بذكاء وهدوء وليس بالشعارات.. لن نتخلّى أبد عن ذاكرتنا، ولكن لن نستخدمها في السياسة".
وكان الرئيس الفرنسي قد وعد باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنّه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر.