استضافت كييف اليوم قمة أوروبية رفيعة المستوى على وقع صافرات الإنذار في العاصمة الأوكرانية وذلك قبل نحو ثلاثة أسابيع من ذكرى مرور عام على الحرب في أوكرانيا.
القمة الـ24 بين الجانبين أقيمت بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي إلى جانب رئيسة المفوضية الأميركية أوسولا فون ديرلاين ومسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل.
هو تحد ووعيد أوروبي لروسيا من عمق أوكرانيا وإعلان عن حزمة عقوبات عاشرة على موسكو، وتحذيرات أوروبية من ملاحقة موسكو قضائيًا وتسهيلات اقتصادية للبضائع الأوكرانية.
في المقابل، يتمسك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بضرورة معاقبة روسيا ومناقشة تجميد أصولها في أوروبا لإعادة إعمار بلاده.
انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي
وقد لحظت القمة ملفات مهمة منها طلب أوكرانيا الموافقة على انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تقديم الحكومة الأوكرانية تقارير عن الإصلاحات خاصة تلك المتعلقة بالتوصيات الأوروبية كمكافحة الفساد ومحاربة غسل الأموال وتعزيز النزاهة والشفافية في مؤسسات الدولة والإصلاحات في المجال القضائي.
كما بحثت القمة تشديد العقوبات على روسيا في مجال الطاقة النووية وإنتاج الصواريخ والطائرات من دون طيّار والوضع الأمني في أوكرانيا وأيضَا صيغة السلام الأوكرانية.
هذا إضافة إلى محاسبة روسيا على جرائم الحرب والتكامل الاقتصادي والتعاون في مجال الطاقة.
وتزامن انطلاق القمة مع موافقة ألمانية على تصدير عشرات الدبابات من طراز "ليوبارد 1" القتالية إلى أوكرانيا وذلك بعد موافقة سابقة بتسليم "ليوبارد 2".
يأتي ذلك في وقت ما زالت مطالبات كييف بدعمها بطائرات حربية وصواريخ بعيدة المدى حبيسة الحسابات لدى واشنطن وبروكسل فيما نفت كل من موسكو وواشنطن وجود مبادرة سياسية سرية للحل في أوكرانيا.
"قمة واقعية"
ويعتبر المدير التنفيذي لمجلس السياسة الخارجية الأوكراني هنادي مكساك أن القمة الأوروبية في كييف ليست رمزية بل فعلية وواقعية حيث أقرت عددًا من المساعدات والعقوبات على روسيا وفرض ضغوط عليها.
ويشير مكساك في حديث إلى "العربي" من كييف إلى أن البيان الذي صدر عن القمة كان متماسكًا على صعيد التعاون الاقتصادي بين أوكرانيا وأوروبا ولاسيما على صعيد الطاقة.
كما وضعت القمة خارطة طريق تضم نحو عشرين نقطة يجب اتباعها والعمل بالتوازي وبشكل منسق من أجل تحقيقها.
ويشدد مكساك على ضرورة أن يدرس الاتحاد الأوروبي ما ينبغي القيام به من أجل انضمام أوكرانيا إلى التكتل الأوروبي حيث يجب القيام ببعض الإصلاحات.
"قمة الأوهام"
ومن جانبه، يرى الكاتب الصحفي أندريه مورتازين أن المواجهة مع أوكرانيا تتحول تدريجيًا نحو مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي تزود بلاده أوكرانيا بالدعم العسكري.
ويقول مورتازين في حديث إلى "العربي" من موسكو: "ربما يشارك الضباط والجنود من دول حل الناتو في المعارك وأنا لا أستبعد هذا الخيار"، مشيرًا إلى "وجود الكثير من المرتزقة من بولندا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا تعرف ذلك تمامًا".
ويصف مورتازين القمة الأوروبية التي عقدت في كييف بـ"قمة الأوهام"، معتبرًا أن الكلام عن انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي كلام للشارع الأوكراني والأوروبي.
ويرى أن ذلك لن يحدث قبل ثلاثين أو 40 سنة لأن واقع أوكرانيا لا يتناسب مع معايير الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ولن يكون كذلك قبل فترة بعيدة، ملمحًا إلى تجربة تركيا التي لا تزال تنتظر دخول الاتحاد الأوروبي.
ويضيف مورتازين: "إن أوكرانيا هي وسيلة ضغط لإضعاف روسيا ولمحاولة إسقاط نظام فلاديمير بوتين"، مشيرًا إلى أن "هذا هو هدف أميركا وأوروبا"، واصفًا أوكرانيا بـ"المستعمرة الأميركية".
طابع سياسي
أمّا الباحث المتخصص في شؤون الاتحاد الأوروبي منذر النمري فاعتبر أن القمة أخذت طابعًا سياسيًا بامتياز حتى على وقع صافرات الإنذار، لكن رأى أن القراءات تختلف حيث تدرك أوكرانيا أن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي سيتطلب وقتًا طويلًا أقله سنة ونصف السنة، حيث يمر طلبها عبر مؤسسات متعددة أولها برلمانات دول الاتحاد الأوروبي ثم البرلمان الأوروبي ثم المجلس الأوروبي.
وفي حديثه إلى "العربي" من بروكسل، يلفت النمري إلى أن هذه القمة لم تخرج بأشياء معقولة يمكن التماسها. كما غاب الجانب العسكري عن حديث قادة القمة العلني اليوم.
ولفت النمري إلى تقرير أميركي يحذّر من هجوم واسع النطاق على أوكرانيا. وأوضح أن أوكرانيا ليست بعضو في الناتو وبالتالي لا يوجد أي قانون يسمح بدخول قوات من الحلف إلى جبهاتها.