تُواجه الضفة الغربية المحتلة حربًا اقتصادية بموازاة العدوان على قطاع غزة، إذ تُعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة، مع وقف تل أبيب تسليم السلطة كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لصالحها.
كما تُعاني مدن الضفة من تدهور متواصل للوضع المالي منذ بداية العدوان على غزة. ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من تراجع كبير في عائداتهم منذ اندلاع الحرب على غزة، حيث تراجعت أرباح تجارة عدد منهم بنسب تراوحت بين 30 و50% خلال عام واحد.
ورأى أصحاب شركات فلسطينية أنّ السياسة الإسرائيلية هدفها دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية.
وأوقفت إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل المبلغ العائد لها من الرسوم الجمركية، متذرّعة بأنّ المال يُستخدم في تمويل حركة المقاومة الإسلامية "حماس". وتحتاج السلطة إلى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها.
كما قرّرت الحكومة الإسرائيلية اقتطاع 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي جرى تحصيلها لصالح السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى العائلات الإسرائيلية "المتضرّرة من الحرب".
وقد يتفاقم الوضع في يوليو/ تموز المقبل، إذ هدّد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بقطع قنوات مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية، ردًا على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.
واعتزم سموتريتش عدم تمديد الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية، والتي تمنحها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تُواجهها بتهمة تمويل الإرهاب.
خطر انهيار السلطة الفلسطينية
وتخشى الدول الغربية أن تُثير السياسة الاقتصادية العقابية لإسرائيل، فوضى في الضفة الغربية.
وفي هذا الإطار، حذّر دبلوماسيون أوروبيون من أنّ النظام المصرفي قد ينهار، وأنّ السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية وقد تنهار قبل أغسطس/ آب المقبل.
ونبّه وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي الإثنين، من أنّ السلطة الفلسطينية قد تنهار خلال الأشهر المقبلة، بسبب نقص التمويل واستمرار العنف وعدم السماح لنصف مليون فلسطيني بالعمل في إسرائيل.
وقال إيدي لوكالة "رويترز": "الوضع بالغ الخطورة، إذ تُحذّرنا السلطة الفلسطينية التي نعمل معها بشكل وثيق من أنّها ربما تنهار هذا الصيف"، مضيفًا أنّه "إذا انهارت، فقد ينتهي بنا الأمر إلى وجود غزة أخرى، وهو ما سيكون مروّعًا للجميع، بما في ذلك الإسرائيليين".
وتترأس النرويج مجموعة المانحين الدولية للفلسطينيين وهي من داعمي السلطة الفلسطينية.
من جانبها، رأت وزارة الخزانة الأميركية أنّ قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها، سيولد أزمة إنسانية، مشددة على أن تلك القنوات المصرفية، أساسية لتنفيذ تحويلات تبلغ نحو 8 مليارات دولار، لدفع فواتير من الواردات الآتية من إسرائيل بما في ذلك الكهرباء، والمياه، والوقود، والمواد الغذائية.
كما أنها تُسهّل نحو ملياري دولار من الصادرات في السنة، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم.
بدوره، أوضح محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم، أنّ قطع القنوات المصرفية سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد الفلسطيني المعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي، مع سيطرة تل أبيب على الحدود.
كما تضرّر الفلسطينيون بفعل منع العمال من الدخول إلى إسرائيل للعمل، وبسبب التراجع الحاد في النشاط السياحي بالضفة الغربية.