تحذير من مجاعة في غزة.. هل تجبر الضغوط إسرائيل على السماح بدخول مساعدات؟
حذّر تقرير أعدته "لجنة مراجعة المجاعة" بدعم من الأمم المتحدة، من أنّ شبح المجاعة يُخيّم على مناطق شمال قطاع غزة، وسط تصاعد القصف والمعارك وتوقّف المساعدات الغذائية تقريبًا.
وأشار التقرير إلى تجاوز عتبة المجاعة بالفعل، أو أنّ ذلك سيحدث قريبًا جدًا.
من جهتها، أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، أنّ المجاعة قد بدأت على الأغلب أو أنّها على وشك الحدوث في شمال غزة، داعية إلى اتخاذ خطوات فورية.
كما أشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أنّ التحذيرات من المجاعة شمالي القطاع تثير قلقًا شديدًا.
وتأتي التحذيرات من المجاعة بالتزامن مع استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية شمالي القطاع، بل وتكثيفها عبر الزجّ بفرق عسكرية جديدة، على وقع ارتكاب مزيد من المجازر وجرائم الإبادة؛ من قصف للمنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء وفرق الدفاع المدني، ومنع الطواقم الطبية من انتشال الشهداء والجرحى الذين يموتون في الشوارع من دون أي مساعدة.
مهلة 30 يومًا
يُضاف إلى ذلك الحصار المُطبق الذي يفرضه جيش الاحتلال، ويمنع في خضمه دخول الغذاء والدواء والمياه إلى السكان، الذين باتوا مخيرين بين الموت قصفًا وجوعًا، وبين التهجير.
وكان موضوع إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أحد محاور أول اتصال هاتفي يُجريه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع وزير الأمن الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس، والذي أكد فيه أوستن "الحاجة الملّحة لمعالجة الوضع الإنساني في غزة قبل انتهاء مهلة الثلاثين يومًا، التي منحتها واشنطن لتل أبيب".
يأتي ذلك على وقع مطالبة مزيد من الدول والهيئات والمنظمات الحقوقية، بمنع تزويد إسرائيل بالأسلحة التي تستخدمها في جرائمها بغزة ولبنان.
ووجّهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" نداءات في هذا الصدد لكل من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا.
فهل تنجح النداءات الدولية في ثني إسرائيل عن وقف حصارها لغزة؟ وكيف يُمكن للولايات المتحدة الضغط لوقف المجاعة في القطاع المحاصر؟
"مجاعة حقيقية وسوء تغذية"
أوضح الكاتب والباحث السياسي إياد القرا، أنّ التحذيرات الدولية من المجاعة في قطاع غزة هي عملية حقيقية متراكمة بدأت قبل العملية العسكرية في شمال القطاع.
وقال القرا في حديث إلى "التلفزيون العربي" من خانيونس، إنّ المساعدات لم تدخل إلى مناطق شمال قطاع غزة منذ أكثر من شهر، وهي كانت ممنوعة أصلًا من الدخول إلى المنطقة منذ بدء الحرب.
وتحدّث عن انتشار حالات سوء التغذية وبدء تفشّي حالات مجاعة حقيقية في شمال قطاع غزة.
كما ذكر أنّه منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم تدخل مساعدات أو بضائع إلى جنوب قطاع غزة.
وأكد أنّ ما يتمّ إدخاله من مساعدات إلى القطاع محدود جدًا.
"تدمير ممنهج للإنسان"
من جهته، أكد الدكتور فاضل الزعبي سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقًا وخبير دولي في الأمن الغذائي، أنّ المجاعة في غزة بدأت منذ فترة طويلة.
وقال الزعبي في حديث إلى "التلفزيون العربي" من عمان، إنّ ما يحصل في قطاع غزة منذ أكثر من 400 يوم هو تدمير ممنهج للإنسان ولكل النظم الزراعية الموجودة، وبالتالي القضاء على الإنتاج الزراعي.
وأشار إلى وجود تدمير ممنهج لسلاسل الإمداد والتوريد التي تعتمد على إدخال المعونات من الخارج، إضافة إلى استهداف العاملين في مجال الإغاثة المحليين والدوليين.
ورأى أنّ الوضع في قطاع غزة يُحتّم علينا أن لا ننتظر حدوث نسب وفيات عالية بين الغزيّين لإعلان حالة المجاعة.
وسأل: "هل إعلان المجاعة سيردع الاحتلال ويدفعه إلى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة؟".
"واشنطن قلقة من بطء توفير المساعدات"
بدوره، اعتبر الدكتور توماس واريك مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق وكبير الباحثين بالمجلس الأطلسي، أنّ الإدارة الأميركية الحالية قلقة جدًا من بطء توفير المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وقال واريك في حديث إلى "التلفزيون العربي" من واشنطن، إنّ هذه الأخيرة حذّرت تل أبيب من تبعات على مد إسرائيل بالمساعدات العسكرية في حال لم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بمعدل 350 شاحنة يوميًا.
وقال: "لدينا أقلّ من أسبوع لانتهاء المهلة التي حدّدتها واشنطن لتل أبيب من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وبناء عليه يُمكنها تحديد موقفها من إسرائيل".