يكشف تحقيق خاص أجراه "العربي" تفاصيل عملية هجوم الحوثيين على سفينتين في البحر الأحمر وهويتهما، بعد تبني الجماعة الهجومين الجديدين ردًا على العدوان الإسرائيلي على غزة.
فبينما قال المتحدّث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع إنّ السفينتين إسرائيليتان، وقد تمّ استهدافهما في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري تضامنًا مع غزة، تنصّلت إسرائيل من جديد، من أيّ علاقةٍ تربطها بهذه السفن.
لكن وحدة التحقق من خلال المصادر المفتوحة في "العربي" تتبعت خيوط قصّة السفينتين للوقوف على الحقيقة التي تربطهما بتل أبيب.
من هي الجهة التي تقف خلف سفينة "يونيتي إكسبلورير"؟
في التفاصيل، السفينة الأولى هي "يونيتي إكسبلورير" Unity Explorer كانت تحمل قبل استهدافها علم جزر البهاماس، وكانت في رحلة من ميناء "ريسيرف" Reserve الأميركي إلى ميناء سنغافورة.
وفي رصد آخر موقع لها، تبيّن أنّه يعود لـ28 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم عند الساعة السادسة صباحًا في خليج قناة السويس، قبل أن تقوم بإطفاء أجهزة الإرسال عند توجّهها جنوبًا نحو مضيق باب المندب.
وطيلة السنة الماضية، لم تعبر سفينة Unity Explorer قناة السويس أو خليج عدن سوى مرّة واحدة، وهي كانت آخر رحلة لها قبل استهدافها من قبل الحوثيين في 3 ديسمبر.
وفي البحث عن تفاصيل أكثر عن هذه السفينة، يتبيّن بحسب المعلومات الأولية أنها ناقلة تمّ بناؤها في عام 2016 بواسطة شركة Hyundai Vinashin Shipyard الفيتنامية.
كما أنّها تبحر حاليًا تحت علم جزر البهاماس، وكانت تعرف سابقًا أيضًا باسم Hyundai Vinashin S09، وأنّ حمولتها الإجمالية 35898 طنًا.
أما بالنسبة للجهة المالكة، فبحسب بيانات موقع "مارين ترافيك" تعود إلى شركة Angloeastern Ship Management LTD، وتُدار تقنيًا بواسطة شركة Unity Ship Group SA.
فتقصّى فريق "العربي" أرشيف ملكية السفينة الذي كشف أنّها كانت تابعة لشركة Ray Shipping الإسرائيلية، حتى شهر يوليو/ تموز الماضي وهي الشركة التي سبق ورصدت وحدة التحقق من خلال المصادر المفتوحة ملكيتها لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغر.
كذلك، قام الفريق بترتيب أوراق الشركات التي تقف خلف تلك السفينة، ليتبيّن أنّ شركة Angloeastern Ship تُعَدّ شريكًا متعاونًا لشركة Dao Shipping Ltd البريطانية في الإدارة التقنية للسفن، كما جاء على الموقع الرسمي للأخيرة.
هذا وتعرّف شركة Dao Shipping Ltd نفسها أيضًا بأنّها تابعة لشركة Ray Car Carriers، والتي سبق أن أثبت "العربي" في تحقيقٍ سابقٍ عن علاقتها بشركة Ray Shipping.
لكنّ المعلومة الأهمّ، كانت في اكتشاف المدير العام لشركة Dao والذي اتضح أنه رجل الأعمال الإسرائيلي وحامل الجنسية البريطانية داني أونغر نجل رامي أونغر.
وداني أونغر هو من أكثر رجال الأعمال ثراءً في دولة الاحتلال والذي يملك سفينة "غالاكسي" Galaxy، التي تمّ اختطافها من قبل الحوثيين الشهر الماضي. كما أنّ داني نفسه يشغل أيضًا منصب المدير التنفيذي لشركة Ray Car Carriers Ltd.
إذًا بحسب ما خلص إليه تحقيق "العربي"، يتبيّن إنّ لشركة Unity Explorer علاقة وطيدة بإسرائيل.
ماذا عن السفينة الثانية التي تحمل اسم نامبر ناين؟
وفقًا لموقع "مارين ترافيك" المتخصّص في الملاحة البحرية، فإنّ السفينة "نامبر ناين" No.9 التي تحمل الرقم التعريفي 9340752، كانت ترفع علم بناما قبل تعرّضها لهجوم من قبل مسيّرات الحوثي في الثالث من ديسمبر، حيث كانت في رحلة من ميناء سنغافورة إلى ميناء السويس في مصر.
وآخر موقع رصدت فيه السفينة كان يوم استهدافها في الساعة 4:56 ظهرًا بالتوقيت الدوليّ، وذلك في البحر الأحمر عند هذه الإحداثيات، ومن المتوقع وصولها لميناء السويس في التاسع من الشهر الجاري.
ومن خلال المعطيات التي رصدها التحقيق، تبيّن أنّ هذه السفينة التي كان يطلق عليها اسم Zarnata Express سابقًا، مملوكة لشركة لومار البريطانية التي تأسست عام 1976، في الوقت الذي تديرها شركة "زيم" الإسرائيلية.
هذه الشركة تُعَدّ واحدة من أكبر شركات الملاحة والشحن البحريّ في العالم، حيث يقع مقرّها الرئيسي في حيفا كما أنها كانت مملوكة بشكلٍ كامل لحكومة الاحتلال، قبل أن تستحوذ مجموعة "عوفر" الاستثمارية على النسبة الأكبر في الشركة بـ 49 % من الأسهم، لتُدار بواسطتها بشكل كامل منذ عام 2004.
أما بالنسبة للشركة المالكة "لومار" البريطانية، فهي تُعَدّ من مجموعة شركات "ليبرا" الأميركية.
وبالنظر في تفاصيل هذه المجموعة، تبيّن أنّها تضمّ في مجلسها الاستشاري العالمي، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق إيدو آهاروني آرونوف، والذي كان القنصل العام الإسرائيلي الأطول خدمة في نيويورك.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المجموعة الأميركية وتحديدًا شركة "لومار"، كانت ضمن ائتلاف عدد من شركات الملاحة من أجل شراء ميناء حيفا الإسرائيلي في العام الماضي.
ولا تقف الاكتشافات عند هذا الحدّ، إذ كشف الفريق أنّ قائد ذلك الائتلاف الذي يضمّ Generation Capital، Dao، Lomar، هو داني أونغر أيضًا، الذي يتبين بعد التدقيق أكثر حوله أنه يشغل منصب عضو مجلس الإدارة في حركة OR Movement التي تأسّست عام 2002، والتي تهدف إلى النهوض بدولة الاحتلال، من خلال تطوير النقب والجليل.
كما أنّ أونغر، عضو مجلس القيادة العالمي للحركة الإسرائيلية الصهيونية.
هذا ويظهر اسم هذا الرجل أيضًا في كبرى المناقصات والعلاقات الإسرائيلية، ما يؤكد أن أونغر مرتبط بالسفينتين المستهدفتين، ويفنّد مزاعم تل أبيب التي تهدف إلى التنصّل من هذه السفن ورحلاتها في البحر الأحمر.