تراجعت وزارة المال اللبنانية، عن موعد بدء تنفيذ قرار خفض سعر الصرف الرسمي لليرة، على ضوء انتقادات من قبل بعض القوى السياسية والاقتصادية.
فأمس الأربعاء، أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، اعتماد سعر صرف 15000 ليرة مقابل الدولار بعدما كان مثبتًا عند 1507 منذ عام 1997، في خطوة أكد أنها تأتي بهدف "توحيد أسعار صرف المتعددة، التي ظهرت خلال الأزمة المالية المستمرة منذ ثلاث سنوات في لبنان.
وأشار الوزير في حديث مع وكالة "رويترز" إلى أن سعر الصرف الجديد سيدخل تاريخ التنفيذ اعتبارًا من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
تراجع وتوضيح
وبعد ساعات، عادت وزارة المالية لربط تاريخ تغيير سعر الصرف بالموافقة على خطة للتعافي المالي، والتي تخضع أحدث نسخة منها للمناقشة في البرلمان.
فقد أصدرت وزارة المال بيانًا في وقت متأخر أمس الأربعاء، أوضحت فيه أن الانتقال إلى سعر صرف رسمي جديد "مشروط بإقرار خطة التعافي التي يعمل عليها والتي من شأنها أن تواكب تلك الخطوة".
وعليه، اعتبر بعض الاقتصاديين والسياسيين هذا الأمر تراجعًا من الحكومة: إذ إن خطة التعافي، التي يجب أن تعالج فجوة تبلغ 72 مليار دولار في المالية الوطنية، لا تزال محلًا للنزاع منذ عام 2019.
وشكك بعض المحللين الاقتصاديين في أن يصبّ تعديل سعر الصرف الرسمي في إطار توحيد سعر الصرف، بحيث أن السعر الجديد لا يزال أقل بكثير من سعر الليرة في السوق الموازية.
فيجري تداول الليرة حاليًا عند أكثر من 38 ألفًا للدولار في السوق، بعد أن فقدت العملة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة عام 2019، والتي زجت بشرائح واسعة من السكان في براثن الفقر.
قرار مفاجئ
في هذا السياق، كشف النائب عن كتلة حزب الله في برلمان لبنان حسن فضل الله، لـ"رويترز" اليوم الخميس، إنه علم بالقرار من خلال الإعلام.
وقال النائب عن الحزب الذي يشارك في الحكومة، أن "هذا الموضوع لم يناقش بالموازنة، لا بلجنة المال ولا بأي مكان آخر، نحن سمعنا به في الإعلام وهذا يحتاج إلى إعادة نظر لأنه بهذه الطريقة أصبح هناك فوضى بالسعر بالسوق، أكثر من الفوضى الموجودة".
وأضاف: "أعتقد أنّ هذا القرار متسرع لم تدرس نتائجه بشكل واضح ولذلك شهدنا محاولة للتراجع عنه".
بدوره، صرح النائب عن كتلة التيار الوطني الحر إبراهيم كنعان، بأن تعديل سعر الصرف الرسمي ضروري "لكن ليس بهذه الطريقة".
وتابع: "أريد أن أتحقق مما إذا كان سيتابع بهذا الشكل أم سيتعين عليه تعديله قليلًا، لأنك لا تستطيع القيام بذلك بهذه الطريقة".
أما محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة، فلفت في رسالة إلى وكالة "رويترز" إلى أن تنفيذ القرار "سيتطلب وقتًا"، من دون الخوض في التفاصيل.
تخبط حكومي
ويأتي إعلان وزارة المال بعد يومين من مصادقة مجلس النواب اللبناني على الموازنة العامة لسنة 2022 قبل 3 أشهر فقط من نهاية العام، وتحديده سعر الدولار الجمركي بـ15 ألف ليرة.
ويعد توحيد أسعار الصرف العديدة أحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي على لبنان، في حال أراد الحصول على قرض مالي تشتد الحاجة إليه.
وإذا تم تغيير السعر الرسمي إلى 15 ألفًا، فسيكون لذلك تداعياته الكبيرة على الميزانيات العمومية لكل من المصرف المركزي والبنوك التجارية، وكلها لديها مراكز نقد أجنبي سلبية، وستتضاعف عشر مرات.
في المقابل، لم توافق الحكومة اللبنانية بعد على خطة للتعافي المالي ولا على إصلاحات تعتبر حيوية لإخراج البلاد من أزمته الحادة، وتلبي مطالب صندوق النقد الذي يعد التقدم في إنجازها "بطيئًا للغاية".
يذكر أنه في شهر أبريل/ نسان الماضي، وبعد أشهر من المفاوضات، توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي مع بيروت على مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار ستمول على مدى 4 سنوات، في حال لبت الحكومة شروط الصندوق المطروحة.