لم تنج الرياضة الفلسطينية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فبالتزامن مع دخول الحرب شهرها السادس على التوالي، وبحسب بيان نشره الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، استشهد 85 رياضيًا، إلى جانب عدد من المعتقلين الرياضيين يصعب حصرهم، كما أصابت الاستهدافات مباني للمؤسسات الرياضية والنوادي والملاعب في القطاع.
تلك الانتهاكات، دفعت نشطاء وحقوقيين إلى إطلاق حملات تطالب الاتحادات الرياضية بمعاقبة إسرائيل ومنعها من المشاركة في البطولات الدولية.
وحدة التحقق من المصادر المفتوحة في "العربي"، بدورها أحصت ووثقت جرائم حرب الاحتلال بحق المنشآت الرياضية في قطاع غزة، وأثبتت انتهاكها للقوانين الدولية.
"ملعب اليرموك"
وفي التفاصيل، ظهرت على ملعب اليرموك في غزة آثار الدمار بشكل واضح في منشور للصحفي عبد القادر الصبّاح في 30 من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو الملعب الذي شهد أفظع انتهاكات الاحتلال مع تحويله إلى مركز اعتقال مفتوح للمحتجزين الرجال والنساء كما ظهر في 25 من الشهر نفسه.
حدد فريق "العربي" موقع ملعب اليرموك عند الإحداثيات (N34*72`19.4`E54.6`31*30) التي تقع بالقرب من حي الزيتون، وبالاطلاع على صور الأقمار الصناعية تظهر بشكل واضح آثار القصف والتجريف والدمار على الملعب مقارنة بالصور التي تسبق العدوان على غزة.
ولم يختلف الوضع بالنسبة لملعب فلسطين الدولي، حيث نشر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في 8 يناير/ كانون الثاني صورًا تظهر جانبًا من الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على الملعب.
كما رصد "العربي" أيضًا مقاطع تعود لـ8 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد يوم من بدء الحرب، وتظهر تعرض محيط الملعب لقصف مكثف من قبل قوات الاحتلال.
وبتحديد موقع الملعب على خرائط غوغل، فإن الملعب يقع في منطقة مستشفى الشفاء شمالي قطاع غزة، وتحديدًا عند الإحداثيات التالية (N34*27`04.2`E`19.2`31*31) التي تظهر عليها التغييرات بحسب صور الأقمار الصناعية بين 27 من سبتمبر/ أيلول و10 من يناير.
ملعب المدينة الرياضية
وكان لاستاد المدينة الرياضية حصة أيضًا من جرائم الاحتلال، حيث ظهر الملعب في 26 يناير وعليه آثار التدمير.
ويعود موقع الاستاد بالقرب من مجمع المحاكم في حي جيزان النجار في خانيونس، وكانت تلك المنطقة تعرضت للاستهداف بشكل متكرر من قبل قوات الاحتلال.
وتظهر في صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 7 أكتوبر و30 يناير الماضي في مراحل تغير معالمها جراء الدمار والتجريف.
ولم يسلم أيضًا ملعب بيت حانون أشهر الملاعب الرياضية في المدينة من التخريب.
يقع الملعب عند الإحداثيات التالية (N34*31`52.9`E`16.7`31*32)، ولكن بالبحث عنه في صور الأقمار الصناعية نجد أنه لم يبق من معالمه الكثير جراء التجريف.
أما بالنسبة للنوادي الرياضية توثق الصور حالتها، حيث لحق الدمار بنادي الهلال لكرة القدم، ونادي غزة الرياضي وهي منشآت تقع في حي السودانية شمال مدينة غزة.
ورصد تحقيق "العربي" مراحل تغير معالم النوادي بين أواخر أغسطس/ آب و9 فبراير/ شباط، حيث لاحظ اختفاء اللون الأخضر من الملاعب وتغيرها إلى البني نتيجة التجريف والدمار.
الدمار نفسه كان لنادي الصداقة، والتي بدت حوله ملامح التجريف في صور الأقمار الصناعية.
قوات الاحتلال تواجدت أيضًا بالقرب من نادي التفاح الرياضي، حيث خاضت معارك شرسة مع المقاومة الفلسطينية أواخر أكتوبر، ويقع هذا النادي في حي التفاح شمالي قطاع غزة، كما تظهر عليه آثار الدمار بشكل واضح من خلال صور الأقمار الصناعية الملتقطة منذ 22 أكتوبر.
"جريمة حرب دولية"
فكل ما تم توثيقه يؤكد ارتكاب الاحتلال لجريمة حرب دولية، حيث تحظر هذه القوانين تدمير الممتلكات الثابتة أو المنقولة والإتلاف المتعمد لها.
كما تعد ممارسات الاحتلال انتهاكًا صريحًا للمواثيق الرياضية الدولية كمثال الأولمبي الذي يعطي الحق لكل فرد ممارسة الرياضة دون تمييز.
وسبق للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" الذي يلزم المؤسسة احترام كافة حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، أن فرضت هذه المؤسسات عقوبات على روسيا إبان حربها ضد أوكرانيا، لكننا لم نشهد حتى اليوم الفعل نفسه تجاه إسرائيل.
فهذه العقوبات اتخذت استنادًا على بنود أساسية من نظام المؤسسات، وهي البنود نفسها التي يمكن اعتمادها للدفع نحو فرض عقوبات ضد إسرائيل.
فقد قام عدد من النشطاء والمؤسسات الحقوقية حول العالم بإطلاق حملات تطالب الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية بمعاقبة إسرائيل ومنعها من المشاركة في البطولات الدولية القادمة، وقرار المحكمة الدولية بوقف الإدانة الجماعية في غزة كفيل بدعم هذه الحملة.
من جديد، تكشف الحرب على غزة أن قرارات المؤسسات الدولية وحتى الرياضية منها لا تستند في عقوباتها على الانتهاكات، بل على مرتكبها، وفي حالة دولة الاحتلال لا يوجد عقاب ولا تبعات.