يُواجه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وفريقه القانوني صعوبات كبيرة في محاولتهم نقل المحاكمة المتعلقة بانتخابات 2020 خارج واشنطن، بحجة أنّه لا يُمكن للرئيس الجمهوري أن يحصل على محاكمة عادلة في عاصمة الدولة ذات الأغلبية الديمقراطية.
ويُحاول المُتّهمون الجنائيون بشكل روتيني تحريك قضاياهم لزيادة فرصهم في الحصول على هيئة محلفين مواتية.
ويقول ترمب ومحاميه إنّهما يتطلّعان إلى وست فرجينيا، التي فاز بها الرئيس السابق بسهولة في انتخابات عام 2020، ولكنّه يُواجه عائقًا قبل المحاكمة، بإثبات أنّ هيئة المحلفين متحيّزة جدًا أو متأثرة بالدعاية، بحيث يجب نقل المحاكمة.
كيف يمكن الفصل بين السياسة والقانون في محاكمة #ترمب؟ #أميركا#للخبر_بقية pic.twitter.com/TgY9QKHW3A
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 4, 2023
وفشلت هذه الجهود في بعض أكثر التجارب الأميركية شهرة في الذاكرة الحديثة. وقد رفض القضاة المُعيّنون من قبل رؤساء كلا الحزبين السياسيين في المحكمة الفيدرالية بواشنطن، بما في ذلك القاضي المشرف على محاكمة ترمب، مرارًا وتكرارًا محاولات مماثلة قام بها أكثر من ألف من أنصار ترمب، اتُهموا في أعمال الشغب في 6 يناير/ كانون الثاني 2021، فيما يُعرف بـ"هجوم الكابيتول".
والعام الماضي، وفي رفض لمحاولة أحد المدعى عليهم في أحداث الكابيتول تغيير مكان المحاكمة، كتبت قاضية المحكمة الجزائية الأميركية تانيا شوتكان أنّ "الميول السياسية للمحلفين ليست في حد ذاتها، دليلًا على أنّ هؤلاء لا يستطيعون النظر بشكل عادل ونزيه في الأدلة المقدّمة لهم، وتطبيق القانون وفقًا لتعليمات المحكمة".
"ترمب له الحق بمحاكمة عادلة"
ولم يُقدّم فريق الدفاع عن ترمب مثل هذا الطلب رسميًا بعد، في القضية التي تتّهم ترمب بالتآمر مع الحلفاء لإلغاء هزيمته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. لكن محاميه جون لاورو أوضح لشبكة "سي بي إس نيوز" الأحد الماضي، أنّه يُخطّط "بالتأكيد" للقيام بذلك.
وقال لاورو: "الرئيس، مثل أي شخص آخر له الحق في محاكمة عادلة، وسوف نحصل على ذلك".
ويُواجه ترمب اتهامات من بينها التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة، وعرقلة عمل الكونغرس في القضية الأولى التي تسعى إلى تحميل الرئيس السابق المسؤولية الجنائية عن جهوده للتشبّث بالسلطة بعد خسارته أمام الديمقراطي جو بايدن.
وقد نفى ترمب ارتكاب أي مخالفات، وادعى أنّ المستشار الخاصّ جاك سميث يستهدفه في محاولة لإلحاق الضرر بحملته الرئاسية لعام 2024.
أي حظوظ لـ #ترمب في الانتخابات بعد لائحة الاتهامات الموجهة له؟#أميركا#للخبر_بقية pic.twitter.com/4xPKq4JTMp
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 4, 2023
إذا لم يستطع ترمب نقل محاكمته من واشنطن، فستتمّ محاكمته على بعد أقل من 1.6 كيلومترات من المكان الذي تعرّض فيه مبنى الكابيتول للهجوم في 6 يناير من قبل حشد غاضب، أثارته أكاذيبه الانتخابية وعزم على وقف التصديق على فوز بايدن الانتخابي.
محاكمات سابقة
وبالفعل، كانت المحكمة، التي تطل على قبة الكابيتول من نوافذها، موقعًا لعدة محاكمات رفيعة المستوى في 6 يناير، بما في ذلك قضايا التآمر المثيرة للفتنة ضد قادة الجماعات المتطرّفة من "براود بويز" (Proud Boys) و"أوث كيبرز" (Oath Keepers).
حتى في بعض القضايا الأكثر انتشارًا والمشحونة سياسيًا في تاريخ الولايات المتحدة، حكم القضاة بأنّه يُمكن العثور على مُحلّفين عادلين وحياديين مع استجواب مناسب في المجتمعات التي وقعت فيها الجرائم المزعومة.
وحُوكم مفجّر ماراثون بوسطن جوهر تسارنييف على بُعد 3.2 كلم، من حيث وضع هو وشقيقه القنابل بالقرب من خط النهاية. وحُوكم زكريا موسوي، الرجل الوحيد الذي أُدين في محكمة أمريركية لدوره في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، على مقربة من البنتاغون. كما حُوكم المُتّهمون في فضيحة ووترغيت في واشنطن.
#ترمب يدفع ببراءته أمام المحكمة الاتحادية في #واشنطن من التهم الموجهة إليه بعرقلة انتقال السلطة عام 2020 #أميركا تقرير: ريما أبو حمدية pic.twitter.com/eLzdu7flpL
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 4, 2023
وفي حادثة نادرة، تمّ نقل محاكمة مُفجّر أوكلاهوما سيتي تيموثي ماكفي إلى كولورادو بعد أن قرّر القاضي أنّه من المستحيل على ماكفي الحصول على محاكمة عادلة في أي مكان في أوكلاهوما. وفي نهاية المطاف، أُعدم عام 2001 بسبب التفجير الذي أسفر عن مقتل 168 شخصًا وإصابة مئات آخرين.
"ترمب مشهور في كل مكان"
وأوضحت فيدا جونسون، أستاذة القانون في جامعة جورجتاون والتي عملت سابقًا كمحامي دفاع عام في المحكمة العليا في العاصمة، لوكالة اسوشييتد برس، إنّ تغيير مكان المحاكمة "يُمكن أن يكون منطقيًا في القضايا التي تشتهر بشكل خاص في المجتمع، لكن شهرة ترمب أو سلوكه السيء لا يقتصران على مقاطعة كولومبيا".
وعن اقتراحات ترمب بنقل المحاكمة، قالت: "لا يوجد أساس حقيقي لذلك. هو يبحث عن هيئة محلفين غير متحيّزة، لكنه مشهور في كل مكان".
وزعم عدد كبير من مثيري الشغب في 6 يناير، الذين حاولوا دون جدوى نقل قضاياهم، أنّهم لا يستطيعون الحصول على محاكمة عادلة في منطقة حيث أدلى 92% من الناخبين بأصواتهم لصالح بايدن في انتخابات عام 2020.
وفي محاولة لإثبات أنه يجب أن تكون محاكمته إلى فرجينيا، ادعى محامي أحد شركاء "أوث كيبرز" أنّ سكان العاصمة "أظهروا أنّ قدرتهم على التفكير الذكي والعقلاني معلقة، عندما يكون ترمب متورطًا".
والعام الماضي، رفضت شوتكان التي اشتهرت باصدار أحكام قاسية على المتهمين في 6 يناير، ادعاءات المدعى عليه في أعمال الشغب في الكابيتول راسل دين ألفورد بأنّه لا يمكن تشكيل هيئة مُحلفين مُحايدة في واشنطن.
وقالت شوتكان إنّ الاستجواب الدقيق للمُحلّفين المحتملين يمكن أن يزيل أي تحيّز، مستشهدة بحكم صدر عام 1976، لم يجد أي أساس لنقل قضية متعلقة بقضية ووترغيت إلى خارج واشنطن.
ومع ذلك، وافقت شوتكان على إرسال استبيان مكتوب إلى المُحلّفين المحتملين قبل محاكمة ألفورد من أجل "فحص التحيز". وفي اليوم الأول من محاكمته، ضغط محامو ألفورد مرة أخرى لنقل الإجراءات إلى مكان آخر، مستشهدين بإجابات هيئة المحلفين على الاستبيان.
لكن شوتكان أوضحت أنّه لا يوجد دليل على "أن الناس لن تكون لهم وجهات نظر قوية بنفس القدر" في منطقة أخرى.
وقالت: "ما نبحث عنه ليس أشخاصًا بلا آراء، بل أشخاصًا قادرين على تنحية رأيهم جانبًا وتركيز قرارهم فقط على الأدلة المقدمة في قاعة المحكمة".
وفي المحاكمة الجماعية لوزارة العدل بشأن هجوم 6 يناير، تمت تبرئة اثنين فقط من المتهمين بالكامل حتى الآن من جميع التهم. وكانت تلك قرارت أصدرها قضاة وليس هيئة محلفين.
لكنّ سجل المحاكمات الصادرة عن المدعين لا تخلو من الشوائب. وبرأت هيئات المُحلّفين أو القضاة 39 متهمًا في أعمال الشغب على الأقل من تهمة واحدة أو أكثر، وفقًا لمراجعة أسوشيتد برس لسجلات المحكمة.
وفي واحدة من أكثر المحاكمات شهرة في 6 يناير حتى الآن، ضد مؤسس "أوث كيبرز" ستيوارت رودز وشركائه، أُدين اثنان فقط من خمسة متّهمين بالتآمر والتحريض، على الرغم من إدانتهم جميعًا بتهم خطيرة.
ورأى جونسون، الذي نظر في عشرات القضايا أمام هيئات المُحلّفين في العاصمة، أنّ العدد الكبير من المُحلّفين الحاصلين على درجات جامعية وشهادات عليا في واشنطن، يُمكن أن يُساعد المدعى عليهم بالفعل.
وقالت: "أعتقد أنّه من المرجح أن تجد محلفين يفهمون حقًا المفاهيم القانونية التي من شأنها أن تُفيد المدعى عليه في محاكمة جنائية، مثل عبء الإثبات، ومفهوم الشك المعقول. لذلك أعتقد في الواقع من بعض النواحي، أنّ هذا مكان أفضل للمدعى عليه للحصول على محاكمة عادلة".
