لا تزال رقعة الرفض للحوار الوطني بشكله ومضامينه الحالية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيّد، تتسع، حيث اعتبرت "جبهة الخلاص"، اليوم الثلاثاء، أن الاستفتاء على دستور جديد للبلاد الذي يصر سعيّد على تنظيمه "سيدفع تونس إلى المجهول".
من جهته، قال الاتحاد العام التونسي للشغل إنه دعا إلى إضراب عام في قطاع الخدمات العامة والشركات الحكومية في 16 يونيو/ حزيران المقبل للدفاع عن حقوق العمال، مشيرًا إلى رفض الحكومة إصلاح الشركات العامة وزيادة الأجور.
والاتحاد العام التونسي للشغل لاعب سياسي رئيس يضم حوالي مليون عضو ولديه القدرة على شل الاقتصاد التونسي من خلال الإضرابات.
قيس سعيّد "يهرب إلى الأمام"
وخلال كلمة لرئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل، عضو الهيئة التنفيذية لـ"جبهة الخلاص" أحمد نجيب الشابي، بمؤتمر صحافي بالعاصمة خصّص للإعلان رسميًا عن تشكيل الجبهة، قال: "عوض أن يراجع سعيد نفسه ويعود للاستماع لكل الأطراف في الداخل والخارج عبر حوار وطني جامع، نراه يهرب إلى الأمام ويصر على تنظيم استفتاء شكلي لن يزيد الأزمة إلا تعفنًا ويدفع البلاد إلى المجهول".
وأضاف الشابي: "لا يكتفي الرئيس بذلك بل يحاول اغتصاب مصير الشعب بتمزيق الدستور الذي يعتبر من أفضل الدساتير رغم هناته".
واستدرك: "هو (سعيد) يتأهب في هذه الآونة إلى الزج بالقضاء في مغامرة إيقاف قيادات من الصف الأول بافتعال قضايا مقدسة لدى الشعب التونسي وهي قضايا الشهداء (المعارضان شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذان اغتيلا سنة 2013)".
وشدّد الشابي على ضرورة أن "يجتمع التونسيون اليوم وأن يتحدوا ويشقوا طريقهم نحو الازدهار والعيش المشترك بدل الانقسام".
ومنذ 25 يوليو الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وحل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وفي 20 مايو/ أيار الجاري، أعلن سعيّد في مرسوم رئاسي إحداث لجنة للإعداد لمشروع تنقيح دستور "جمهورية جديدة" عبر "حوار وطني" استُبعدت منه الأحزاب السياسية.
كما قرر سعيّد تبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ومنح نفسه حق تعيين ثلاثة من أعضاء هيئة الانتخابات السبعة، بما في ذلك رئيسها.
وأصدر سعيّد مرسومًا لدعوة الناخبين إلى التصويت في استفتاء على دستور جديد للبلاد في 25 يوليو/ تموز المقبل.
اعتراض واسع على قرارات سعيّد
ولقيت قرارات الرئيس التونسي الأخيرة، انتقادًا ورفضًا من عدة قوى تونسية من بينها أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري"، و"التكتل من أجل العمل والحريات"، و"النهضة" إضافة للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) وأكاديميين، فيما أيدتها قوى ومنظمات منها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والاتحاد الوطني للمرأة التونسية.
دعت "كل القوى السياسية والمدنية إلى التصدي له (الاستفتاء) وإسقاطه، والعمل على انعقاد حوار وطني ناجز وشامل لبحث سبل إنقاذ تونس من أزمتها السياسية والاجتماعية المتفاقمة".
ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر منظمة عمالية في البلاد، المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه سعيّد، باعتباره "مشروطًا ونتائجه محددة مسبقًا".
وفي 18 فبراير/ شباط الماضي، دعا الشابي، خلال تجمع لشخصيات سياسية وبرلمانية نظمته حملة "مواطنون ضد الانقلاب" (شعبية)، إلى تكوين جبهة باسم "الخلاص الوطني".
وانضمت إلى الجبهة 5 أحزاب هي "النهضة"، و"قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة"، و"حراك تونس الإرادة"، و"الأمل"، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، وعدد من البرلمانيين.
وبدأ العد التنازلي لأول استفتاء تشهده تونس بعد ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
وهذا الاستفتاء على دستور سينسف كل ما اتفق عليه التونسيون عام 2014. ويرى متابعون أن تمريره سيعطي الرئيس شرعية، أما فشله فقد ينهي مشروعه السياسي.