على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدق أنها ستُضطر يومًا إلى البحث عن جثته شهيدًا بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف المذكور، استهدفته غارة إسرائيلية مساء أمس الخميس.
وأسفرت الغارة على مركز دورس في بعلبك شرقي لبنان عن استشهاد 15 مسعفًا، بينهم رئيس المركز الإقليمي للدفاع المدني بلال رعد، حسبما أفادت مراسلة التلفزيون العربي هديل نماس، مشيرة إلى وجود أشلاء لم يتم التعرف على هويتها.
فمنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، وسّعت إسرائيل عدوانها على لبنان، ما أسفر عن آلاف الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى نحو مليون و400 ألف نازح.
مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض
بصوت مرتجف، بينما تملأ دموع عينيها، تقول سوزان: "والدي كان ينام في المركز. كي يخرجوا ويلبّوا النداء للناس، ويلملموا الأشلاء وينقلوها إلى عائلاتها كي تُدفن".
وتضيف كركبا: "تعرّفت على أبي من أصابع يديه، هكذا تعرّفت على والدي".
ولا تزال سوزان كركبا لا تفهم سبب استهداف بلدة دورس، حيث يقع المقر الرئيسي للدفاع المدني اللبناني، وهو مؤسسة حكومية مسؤولة عن عمليات الإسعاف في شرق لبنان.
من حولها في الموقع الذي أحاط به عناصر في الجيش اللبناني، يعمل عشرات الأشخاص من سكان ومسعفين على البحث عن شهداء بين الأنقاض.
ووسط الكتل الخرسانية وقضبان الحديد، تظهر شاحنة حمراء مدمّرة تابعة للدفاع المدني، بينما تحاول حفّارتان يقودهما مسعفان إزالة الأنقاض.
وأبعد قليلًا، يبحث رجلان في محتويات حقيبة على أمل التعرّف على أحد الشهداء. ويقوم مسعفون آخرون بنقل شهيد بعد لفّه بغطاء.
وتقول سوزان: "الآن جاء دوري لألملم أشلاء والدي وأدفنه"، مضيفة: "لا أدري على من سأحزن: على رئيس المركز أو على والدي أو على رفاقي الذين قضيت أعوامًا معهم".
ويحاول محمود عيسى في دورس البحث بين الأنقاض عن جثث رفاقه الشهداء.
ويقول عيسى: "لا تزال هناك أشلاء لم نتمكّن من العثور عليها"، مضيفًا: "كنا أول من يقوم بعمليات الإسعاف وإطفاء الحرائق وإنقاذ الناس، الآن أصبحنا نحن مستهدفين".
واستشهد أكثر من 150 مسعفًا في لبنان منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، والذي طال مدنًا وقرى في شماله وجنوبه وشرقه، وكذلك العاصمة بيروت.