الأحد 3 نوفمبر / November 2024

تعنّت النظام وعرقلة روسيا.. اتفاق المعابر يضر بالملف الإنساني بسوريا

تعنّت النظام وعرقلة روسيا.. اتفاق المعابر يضر بالملف الإنساني بسوريا

شارك القصة

ناقش برنامج "للخبر بقية" تفاصيل الاتفاق بين الأمم المتحدة والنظام السوري لفتح معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لدخول المساعدات الإنسانية (الصورة: غيتي)
يقف التعنّت السياسي للنظام السوري عثرة أمام الملف الإنساني في سوريا، وهو موقف يتوافق مع الرغبة الروسية بعرقلة تجديد آلية إيصال المساعدات وفق الاتهامات الغربية.

عقب ماراثون من المباحثات والنقاشات، أعلنت الأمم المتحدة التوصّل إلى تفاهم مع النظام السوري لإعادة فتح معبري باب الهوى والراعي الحدوديَين مع تركيا، لدخول المساعدات الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر.

تزامن التمديد مع انقضاء مهلة إعفاء أميركي وأوروبي كان يسمح ببعض المعاملات المُرتبطة بالمساعدات الإنسانية بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في فبراير/ شباط الماضي. وفتح النظام السوري المعابر وقتها، بعد ضغط أممي لإرسال مساعدة طارئة.

ويمثّل المعبران شريان الحياة بالنسبة لسكان الشمال الغربي السوري، وتعلم أدوات النظام السوري ذلك، وتعمل على استغلاله في سياق تحصيل أي شرعية لنظام الحكم الحالي في دمشق، وفقًا للأمم المتحدة.

وهو ما ظهر جليًا حين رمت بشروطها في أحضان المجتمع الدولي المتمثّلة بالتنسيق الكامل مع دمشق عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ونظيرتها السورية، وعدم التواصل مع ما سمّتها "منظمات إرهابية"، وهو أمر رفضته الأمم المتحدة قائلة إنّه "لا يتوافق مع استقلالها".

تعنّت النظام السوري

ويقف التعنّت السياسي للنظام السوري عثرة أمام الملف الإنساني في سوريا، وهو موقف يتوافق مع الرغبة الروسية في عرقلة تجديد آلية إيصال المساعدات وفق الاتهامات الغربية.

وظهر ذلك حين استخدمت موسكو حق النقض، وحرمت مناطق الشمال الغربي لسوريا من المؤن مدة شهر كامل. وهو ما دفع بعدد من المنظمات العاملة في شمال غربي سوريا للمطالبة بالعمل على ايجاد حلول لمعالجة الأزمة الإنسانية.

في المقابل، يسعى النظام لضمان مزيد من الدعم الأممي في مشاريع ما يُسمّى "التعافي المبكر" بحجة تهيئة البنى التحتية لعودة اللاجئين. وهو توظيف لملف إنساني بحت في سياق سياسي بحت.

أمام هذا الوقع، ما الآلية الجديدة لوصول المساعدات الإنسانية إلى الشمال الغربي السوري عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا؟ وما الشروط التي حاول النظام فرضها على الأمم المتحدة للسماح بوصول المساعدات إلى مناطق المعارضة؟ وما الموقف الروسي والغربي من الاتفاق الأممي مع النظام السوري؟

"الاتفاق حصل بعد ضمانات من النظام السوري"

في هذا السياق، أوضح فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنّ الاتفاق جرى بعد أشهر من المفاوضات مع النظام السوري والسلطات التركية ومتبرّعين وأعضاء من المجتمع الدولي، يحفظ استقلالية عمل الأمم المتحدة ويضمن قدرتها على إيصال المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين.

وقال حق، في حديث إلى "العربي" من نيويورك: إنّ الأمم المتحدة حرصت على وصول المساعدات إلى كل المحتاجين من دون تمييز، والضمانات التي قدّمها النظام مرهونة بما ستُثبته الأشهر الثلاثة المقبلة.

وأضاف حق أنّ مجلس الأمن لم يتمكّن من التوصّل إلى السماح بفتح معبر باب الهوى، ما جعل الأمم المتحدة أمام معضلة إيصال المساعدات عبر تفاهم مع النظام السوري أو عدم استخدام معبر باب الهوى الذي يعتبر مهمًا لإيصال 85% من المساعدات إلى شمال غرب سوريا.

وأكد أنّ المساعدات التي كانت تصل عبر معبري الراعي وباب الهوى تتم عبر تفاهم مع النظام السوري، وفقًا لقواعد الأمم المتحدة والأحكام الإنسانية.

وأوضح أنّه بعد تقييم فعالية هذا التفاهم في إيصال المساعدات مع مجلس الأمن، سنتخذ إجراءاتنا المقبلة وسيُبنى على الشيء مقتضاه.

"الاتفاق هو خطوة إضافية لتسييس المساعدات"

من جهته، أكد رائد الصالح، مدير منظمة "الخوذ البيضاء" السورية، أنّ الاتفاق هو خطوة إضافية لتسييس المساعدات الإنسانية كونه ينتهك المعيار الأول من القانون الإنساني الدولي الذي ينصّ على أن لا تُحدث هذه المساعدات أي ضرر نفسي أو معنوي أو جسدي على المستفيدين.

وقال الصالح، في حديث إلى "العربي" من غازي عنتاب: إنّ إعطاء النظام السوري فرصة للموافقة على هذه المساعدات يضرّ بالسوريين الذين يعيشون في المخيمات لأن هذا النظام هو نفسه الذي دمّر منازلهم وقتل أبناءهم واستخدم السلاح الكيميائي ضدهم.

وأضاف أنّ هناك علامات استفهام كثيرة حول الاتفاق الذي لم تعلن الأمم المتحدة تفاصيله وبنوده والتنازلات والوعود التي قدّمتها الأمم المتحدة مقابل الاتفاق.  

ورأى أن الاتفاق غير منطقي في هذا الوقت، وأن روسيا استخدمت الفيتو في مجلس الأمن بهدف الوصول إلى هذا الاتفاق.

"الاتفاق هو خطوة إلى الوراء"

بدوره، أشار الدكتور رضوان زيادة، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إلى أنّ الأمم المتحدة تعتقد أنّ مجلس الأمن وصل إلى طريق مسدود في ملف المساعدات الإنسانية لسوريا.

ورجّح زيادة، في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أنّ الأمم المتحدة وصلت إلى آلية تفاوضية ما مع النظام السوري لايصال المساعدات، واعتبار موافقة النظام ضوءًا أخضر لإدخال المساعدات للمحتاجين في الشمال السوري.

وقال: إنّ الاتفاق يعكس ضعف الطرف المفاوض في الأمم المتحدة، خاصة وأن النظام السوري يعتمد بشكل رئيسي على مساعدات الأمم المتحدة من أجل الحصول على العملة الصعبة، وتغطية أكثر من 70% من احتياجات السوريين في مناطق سيطرته.

ورأى أن الأمم المتحدة لم تعمل بمبدأ المفاوضات المشروطة في الاتفاق، وسمحت بأن يكون للنظام السوري اليد الطولى في السماح بايصال المساعدات.

واعتبر أن الاتفاق هو خطوة إلى الوراء، وأعطى الضوء الأخضر لنظام الأسد للسيطرة على المعابر.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close