أفادت مصادر مصرية لوكالة "رويترز"، بأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ستستأنف الأحد في القاهرة، وسط حديث عن توافقات بشأن مدة الهدنة وآليات تبادل الأسرى.
من جهته، يأمل الرئيس الأميركي جو بايدن في التوصل إلى تهدئة بحلول شهر رمضان، وسط دعوات دولية إلى مسابقة الزمن بغية وقف المآسي في القطاع.
جولة مفاوضات جديدة
في التفاصيل، فقد زار وفد من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" السبت العاصمة المصرية، لتسليم ردّ الحركة على مقترح "باريس 2".
بالتزامن مع ذلك، يتوجه إلى القاهرة وفق مصادر مصرية، وفد أمني إسرائيلي للاطلاع على مضمون رد "حماس"، ولديه صلاحية التفاوض بعد التأكد من تلبية رد المقاومة للحد الأدنى الذي حددته الحكومة الإسرائيلية.
ونقلت "رويترز" عن مصادر مصرية تأكيدها أن مفاوضات وقف إطلاق النار ستستأنف غدًا في القاهرة، مشيرة إلى اتفاق الأطراف على مدة الهدنة وآليات إطلاق سراح الأسرى، ولم يبق سوى التوافق على مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من شمال قطاع غزة وعودة السكان النازحين.
وما بدا أنه تفاؤل مصري، تقاطع مع تفاؤل أميركي حذر عبر عنه الرئيس بايدن بقوله إنه يأمل في التوصل إلى الاتفاق بحلول شهر رمضان.
وجاء مجمل هذه التطورات، بعدما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رفض اقتراحًا مصريًا بعقد جولة مباحثات جديدة في القاهرة، حتى ترسل "حماس" قائمة بأسماء الأسرى الأحياء لديها.
وأكدت ذلك القناة 12 الإسرائيلية، التي نفت نقلًا عن مصادر عزم وفد إسرائيلي التوجه إلى القاهرة.
كما تزامنت هذه التطورات مع إعلان حركة "حماس" مقتل 7 أسرى إسرائيليين جراء قصف جيش الاحتلال، ليتجاوز بذلك عدد المحتجزين الذين قتلوا في القطاع 70 محتجزًا.
بدورها، نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين تخوفهم من تعثر المفاوضات، بعد مجزرة جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس في شارع الرشيد شمالي قطاع غزة.
لكن مصادر أخرى ذكرت لوكالة "رويترز" أن ما حصل في شارع الرشيد لم يبطئ سير المحادثات، بل دفع المفاوضين إلى الإسراع من أجل الحفاظ على التقدم المحرز فيها، خصوصًا في ظل نفاد الوقت وتعمق المأساة الإنسانية، وتزايد الدعوات الأممية والدولية إلى إنهاء الكوارث التي يشهدها القطاع.
فما هي المستجدات التي أدت إلى استئناف المفاوضات في القاهرة، ومدى تأثير الضغوطات على فرص إبرام صفقة جديدة؟
أسباب التفاؤل المصري
متابعةً لهذه التطورات، يتحدث مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية أشرف العشري عن تفاؤل مصري بشأن إحراز تقدم في جولة المباحثات الجديدة التي تستضيفها القاهرة.
ويرى العشري أن أسباب التفاؤل المصري تعود للجهود التي بذلت خلال الساعات الـ 48 الماضية، حيث زار وفد إسرائيلي من "الشباك" و"الموساد" القاهرة يومي الأربعاء والخميس، وعقد مباحثات مطولة مع الجانب المصري.
وقدمت القاهرة وفق ما قال العشري في حديث مع "العربي" مقاربات للجانب الإسرائيلي، وطلبت أن تكون هناك تنازلات و"إلا فستكون درجة كبيرة من استمرار الانسداد"، على حد قوله.
ويردف مدير تحرير صحيفة "الأهرام" من القاهرة: "بالتالي إذا استمر الانسداد والتراجع في جهود المفاوضات وعدم تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق الإطاري فستكون هناك عواقب وخيمة في شهر رمضان".
وسيؤدي هذا الأمر، إلى حاله من التأزيم في الداخل الإسرائيلي والشرق الأوسط بشكل عام "لأن العالم العربي والإسلامي لديه درجة كبيرة من القدسية في شهر رمضان، ولا يمكن أن تكون هناك مجابهة لحجم التحديات التي سوف تؤثر أيضًا على المصالح الأميركية وعلى الجانب الإسرائيلي"، وفق العشري.
ولذلك، تم استخدام كل أدوات الضغط المصرية بالتعاون مع الجانب الأميركي والقطري، لتحريك مسار المحادثات قبل حلول شهر رمضان.
الرسائل الأميركية لإسرائيل
ومن شيكاغو، تتطرق الدبلوماسية الأميركية السابقة وكبيرة الباحثين في الأمن العالمي والدبلوماسية بمجلس شيكاغو للشؤون العالمية سيسيل شي، إلى استقبال بايدن للوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بني غانتس والرسائل الأميركية خلف ذلك لتل أبيب.
وترى شي أنه بات واضحًا في هذه المرحلة للشعب الإسرائيلي أن حكومة الولايات المتحدة مستاءة جدًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأكبر دليل على ذلك العقوبات التي فرضت على بعض المستوطنين في الضفة الغربية "وهو أمر غير مسبوق في التاريخ الأميركي".
وتضيف كبيرة الباحثين بمجلس شيكاغو للشؤون العالمية: "أعتقد أيضًا أنه من الواضح لإسرائيل أنها تدمر العلاقة مع الجماعة اليهودية الأميركية، بسبب وضع المروع في غزة".
وتشير شي في حديث مع "العربي" إلى أنها لا تعرف ما إذا كان بايدن يريد أن يوضح أكثر هذه الرسالة من خلال استقبال غانتس، إلا أن ثمة باعتقادها فرصة من خلال استطلاع بعض الأفكار والآراء.
ورغم ذلك، تؤكد شي أن واشنطن تتعامل بشكل مباشر مع نتنياهو إلا أن الإدارة الأميركية لديها استياء كبير منه، لذلك من المرجح أن تكون إسرائيل قد بعثت مسؤولًا رفيع المستوى لا يحمل بعض الخلفيات التي يحملها نتنياهو.
تأثير الضغط على نتنياهو
من جهته، يقول أنطوان شلحت الباحث في الشأن الإسرائيلي، إنه حتى الآن لا يبدو أن نتنياهو يشعر بالضغط ومن الواضح أنه يتحدى إدارة بايدن، وأن زيارة غانتس إلى واشنطن تنطوي على رسالة مفادها بأن الولايات المتحدة تحاول الضغط عليه من داخل حكومته.
في المقابل، يذكر شلحت أن ذهاب وفد إسرائيلي إلى القاهرة يدل على بعض التراجع الإسرائيلي بعدما كانت تل أبيب ترفض استكمال المباحثات، واشترطت تقديم "حماس" قائمة بالمحتجزين الأحياء في قطاع غزة.
ويردف لـ"العربي" من عكا: "حماس لم تلب هذا الشرط، ومع ذلك سيذهب وفد إسرائيلي رسمي يحمل صلاحية التفاوض إلى القاهرة.. والبحث في صفقة تبادل أسرى تتضمن تهدئة كما جاء في الاتفاق الإطاري بباريس اثنين".
وعليه، يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أن واشنطن تمارس ضغوطًا ناعمة على الحكومة الإسرائيلية بهدف إنجاز صفقة التبادل، فضلًا عن مواجهة نتنياهو أزمة سياسية داخلية على أكثر من مستوى، إلى جانب أزمة سير المعارك في قطاع غزة بحيث لم تحقق حملته العسكرية حتى الآن أي إنجازات إستراتيجية قد يستند إليها لعدم تلبية شروط "حماس"، بحسب شلحت.