تتسارع التطورات على خط حرب أوكرانيا، على وقع تقدّم ميداني لقوات كييف رُصِد في الساعات الأخيرة على أكثر من خط، بعد إنجاز موسكو التصويت "البروتوكولي" على ضمّ المناطق الأوكرانية الأربع لتصبح جزءًا من روسيا.
ففيما وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسوم الضمّ بعد تصويت بروتوكولي من الكرملين، كانت القوات المسلحة الأوكرانية تتقدم في منطقة خاركيف، تحديدًا إلى ما يسمّى بالمنطقة الدفاعية الروسية.
في غضون ذلك، عادت العقوبات لتتصدّر واجهة الأحداث، مع إعلان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنّ دول الاتحاد وافقت على الحزمة الثامنة من العقوبات ضد روسيا.
وأشار بوريل إلى أنّ العقوبات الجديدة ستحدّ من قدرة روسيا على التصدير والاستيراد اللذين يغذّيان آلة بوتين الحربية حسب تعبيره. كما أكد أنّ الاتحاد الأوروبي يسير بخطى سريعة لتحرير نفسه من الاعتماد على الطاقة الروسية.
العقوبات "سلاح ذو حدّين"
وبالحديث عن العقوبات، يعتبر مدير تحرير راديو مونتي كارلو أندريه مهاوش أنّها "سلاح ذو حدّين"، مشيرًا إلى أنّه "لا يوجد موقف موحّد داخل الاتحاد الأوروبي إزاء هذه العقوبات".
ويوضح مهاوش في حديث إلى "العربي"، من باريس، أنّ بعض الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي تدعو إلى التعامل بواقعية أكثر مع الموضوع، ولا سيما أنّ العقوبات المفروضة على روسيا ترتدّ عمليًا على الدول الأوروبية نفسها.
ويلفت إلى أنّه في فرنسا كانت هناك تظاهرات مناوئة لهذه العقوبات وتدعو لتحييد أوروبا نفسها عن هذه الحرب. إلا أنّه يرى أنّ أوروبا مضطرة لتسير في هذا الخط الذي اختارته منذ البداية، لأنّ التراجع هو هزيمة سياسية لها كما أنّ الأمر سيرتدّ أيضًا على الداخل الأوروبي.
ويعرب عن اعتقاده بأن الاتحاد الأوروبي يراهن على المدى المتوسط أو الطويل لكي تأتي هذه العقوبات بمفعولها على روسيا خصوصًا بالنسبة لمعنويات الشعب الروسي.
ويتحدّث عن تطمينات على الصعيد العملي في أوروبا خصوصًا بالنسبة إلى الطاقة، حيث وضع الاتحاد الأوروبي خطة لتوفير الطاقة بنسبة 10%، وفرنسا قالت إن مخزونها أصبح كاملًا.
أوروبا تفرض عقوبات جديدة ضد #روسيا عقب قرار ضم أقاليم أوكرانية pic.twitter.com/K4xwoGXfMG
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 5, 2022
تقدّم أوكرانيا مدعوم بمساعدات عسكرية
ميدانيًا، يستمرّ التقدّم الأوكراني معتمدًا على حزمة مساعدات عسكرية جديدة أعلنتها واشنطن، وتشمل راجمات صواريخ هيمارس وأنظمة المدفعية والذخيرة والعربات المدرّعة.
وتقول وزارة الدفاع البريطانية في نشرة استخباراتية، إنّه من المرجّح أن يشعر القادة الروس بالقلق من الوحدات الأوكرانية الرائدة، وهي تقترب من حدود زعمت روسيا ضمّها.
في المقابل، استحوذت روسيا رسميًا على محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوبي البلاد، والتي تحتلها عسكريًا منذ أشهر بموجب مرسوم وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وجاء في المرسوم أنّ الحكومة الروسية ستحرص على دمج المنشآت النووية للمحطة كملكية اتحادية.
يأتي ذلك في وقت ينتظر أن يقوم فيه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي بزيارة إلى أوكرانيا وروسيا قريبًا.
واشنطن "تدفع نحو صدام مباشر"
يحصل كلّ ذلك على وقع تبادل الاتهامات وتقاذف المسؤوليات بين روسيا من جهة، وأوكرانيا والدول الغربية الداعمة لها من جهة ثانية.
وفي هذا السياق، اتهمت وزارة الخارجية الروسية واشنطن بالمشاركة المباشرة لمقاتليها ومستشاريها في الحرب، معتبرة إمدادات الأسلحة الأميركية لكييف دفعًا نحو صدام عسكري مباشر بين روسيا وحلف الناتو.
ولا تجد واشنطن حتى اللحظة أنّها معنية بهذا الصدام بشكل مباشر، وفقًا لتصريحات وزارة الدفاع الأميركية، التي قالت إنّها لم تتأكّد من الأنباء التي تتحدّث عن تحركات روسية لنشر أسلحة نووية في جبهات الحرب بأوكرانيا.
لكنّ سجال التصريحات مستمرّ إلى جانب الأحداث الميدانية، آخرها اتهامات سكرتير مجلس الامن الروسي بنيّة الولايات المتحدة وبريطانيا نقل الأعمال القتالية من أوكرانيا إلى الداخل الروسي.
قافلة أسلحة نووية واختبار "سلاح نهاية العالم" و #أوكرانيا تتجهّز لمواجهة الخطر النووي بأقراص اليود.. هل يتحوّل الصراع في أوكرانيا إلى حرب نووية؟@AnaAlarabytv pic.twitter.com/iU0s5QRa0O
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 5, 2022
هل تردّ روسيا باستخدام النووي؟
وفي الميدان، يبقى التلويح باستخدام السلاح النووي من قبل موسكو محور أخذ وردّ، إلا أنّ أستاذ العلوم السياسية ستانيسلاف بيتشوك يستبعد اللجوء إليه عمليًا في المدى المنظور.
ويقول بيتشوك في حديث إلى "العربي"، من موسكو: إنّ الأسلحة النووية بالنسبة للكثيرين هي للردع وليست للهجوم، في واقع يسري منذ عام 1945. ويرى أنّ التلويح بها من جانب الرئيس الروسي "يُظهِر أنه لا يريد أن يستخدمها لكنه قد يلجأ إليها في حال دفعه الوضع لفعل ذلك".
ويشير إلى أنّ الكثير من الناس في روسيا وفي أوكرانيا وفي مناطق أخرى يشعرون بالارتياع من مجرد فكرة استخدام الأسلحة النووية، لكنّه يتحدّث عن عدّة أسباب "تدفع للتفاؤل"، مقارنًا الخطاب الروسي اليوم بذلك الذي سبق الهجوم على أوكرانيا.
ويقول: "المسؤولون الروس بمن فيهم بوتين نفسه يلمحون إلى استخدام الأسلحة النووية، وهذا يمكن فهمه أنه مجرد تلويح وأنه لا يريد فعل ذلك، بعكس ما حصل قبل الهجوم على أوكرانيا، حين كان المسؤولون الروس ينفون وجود أيّ نيّة بالغزو".