الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

تقييم استخباري أميركي.. هل أعادت "القاعدة" تجميع صفوفها في أفغانستان؟

تقييم استخباري أميركي.. هل أعادت "القاعدة" تجميع صفوفها في أفغانستان؟

شارك القصة

ناقش الباحث في المركز العربي للدراسات عبد الرحمن الحاج خبايا مقتل الظواهري (الصورة: غيتي)
أثار اغتيال الظواهري في كابُل تساؤلات حول وجوده في أفغانستان بعد عام من سقوط البلاد بيد "طالبان" والخروج الفوضوي للقوات الأميركية منها.

كشفت الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" أن تنظيم "القاعدة" لم يُعد تجميع صفوفه في أفغانستان منذ الانسحاب الأميركي من البلاد في أغسطس/ آب 2021، وأن عددًا قليلًا من أعضائه فقط بقوا داخل البلاد.

واطلعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية على ملخص سري من التقييم الاستخباري الجديد الذي أجمعت على نتائجه المؤسسات الأمنية الأميركية والذي جرى إعداده قبل اغتيال زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري بداية الشهر الحالي في كابُل.

وأوضح التقييم أن التنظيم ليس لديه القدرة على شنّ هجمات ضدّ الولايات المتحدة وحلفائها من الأراضي الأفغانية، وبدلًا من ذلك، سيعتمد، على الأقل في الوقت الحالي، على مجموعة من المنتسبين الموالين خارج المنطقة لتنفيذ هجمات محتملة ضد الغرب.

لكن الصحيفة نقلت عن متخصّصين في مكافحة الإرهاب، تحذيرهم من الإفراط في التفاؤل بنتائج هذا التقييم، الذي يقدّم صورة تفاؤلية لمشهد "إرهابي معقّد وسريع التغيير".

ووصف إدموند فيتون- براون، المسؤول السابق لمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، التقييم بأنه "دقيق من الناحية الجوهرية، لكنه رؤية إيجابية جدًا لتهديد لا يزال متقلبًا".

فشل سياسة بايدن

وأثار اغتيال الظواهري في كابُل تساؤلات حول وجوده في أفغانستان بعد عام من سقوط كابُل بيد "طالبان" والخروج الفوضوي للقوات الأميركية منها، حيث اتهم الجمهوريون الرئيس الأميركي جو بايدن بتعريض الولايات المتحدة للخطر مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وجادل هؤلاء بأن شعور زعيم "القاعدة" بالأمان للعودة إلى العاصمة الأفغانية، هو دليل على فشل سياسة قامت على منع التنظيم من إعادة بناء معسكرات التدريب والتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها، رغم تعهّد "طالبان" بمنع تحوّل أفغانستان إلى ملجأ آمن لتنظيم "القاعدة".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال مسؤول بارز في البنتاغون إن تنظيم "القاعدة" يمكن أن يعيد تنظيم صفوفه في أفغانستان ومهاجمة الولايات المتحدة في غضون عام إلى عامين.

كما وجد تقرير للأمم المتحدة  صدر في يوليو/ تموز الماضي، أن أعضاء القاعدة "وجدوا حرية متزايدة في الحركة" في أفغانستان منذ سيطرة "طالبان" على السلطة، مشيرًا إلى انتقال عدد من قادة "القاعدة" إلى كابُل، وأن التصعيد في التصريحات العلنية للظواهري يُظهر أنه كان قادرًا على القيادة بشكل أكثر فاعلية بعد وصول طالبان للحكم.

آفاق بقاء "القاعدة" على المدى البعيد

ووصف كولن بي كلارك، من مجموعة صوفان في نيويورك، التقييم الجديد بأنه "وردي مفرط إلى درجة قصر النظر"، مضيفًا أن الملخّص السري "تجنّب الحديث عن آفاق بقاء القاعدة على المدى البعيد".

ويختلف خبراء مكافحة الإرهاب مع التقييم، بخاصة في ما يتعلّق بعدم قدرة "القاعدة" على تجميع شبكة تهديدها في أفغانستان، وأن الظواهري هو الشخصية الوحيدة التي حاولت إحياء وجود "القاعدة" في أفغانستان، بعد انتقال عائلته إلى كابُل بداية هذا العام.

وقال أسفنديار مير، الخبير في معهد السلام الأميركي، للصحيفة: "حصول الظواهري على حماية طالبان، بينما كان يقدّم التوجيهات لجماعته، هو بحد ذاته عملية إعادة تجميع".

وأضاف أن التقييم الاستخباري "فشل في الأخذ بالاعتبار، قدرة عدد قليل من قادة القاعدة الرئيسيين على الاستفادة من وجودهم في أفغانستان، وتقديم التوجيه السياسي للشبكات الموالية. وأن التنظيم لا يحتاج إلى معسكرات تدريب كبيرة كي تكون خطيرة".

"استهداف رمزي"

كما اختلف خبراء مكافحة الإرهاب مع تقييم الحكومة الأميركية حول وجود أقل من عشرة من زعماء "القاعدة" القدامى في أفغانستان قبل سقوط الحكومة الأفغانية السابقة.

ورأى بروس هوفمان، الباحث في شؤون الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية، للصحيفة أن "هذا العدد من الناشطين الرئيسين من القاعدة في أفغانستان لا معنى له"، مضيفًا أنه تمّ إطلاق سراح أعداد كبيرة من قادة "القاعدة" من السجون الأفغانية العام الماضي، "وأشكّ كثيرًا بأنهم انتقلوا للعمل في الزراعة والمحاسبة في مرحلة ما بعد سجنهم".

وقال هوفمان إن الكثير من نشطاء "القاعدة" أو الجماعات الموالية للتنظيم حصلوا على مسؤوليات إدارية في ثماني ولايات أفغانية على الأقل، معتبرًا أن التقييم هو "محاولة من إدارة بايدن لصرف الانتباه عن التداعيات الكارثية للانسحاب المخزي للقوات الأميركية العام الماضي".

وقال الباحث في المركز العربي للدراسات عبد الرحمن الحاج في حديث سابق إلى "العربي": إن أول أمر أكّدته الغارة الأميركية الأخيرة هو أن هناك علاقة بين "طالبان" وتنظيم "القاعدة".

ووصف اغتيال الظواهري بـ "الاستهداف الرمزي"، مضيفًا أنه "ليس هنالك مؤشرات على أن القاعدة تستطيع أن تفعل شيئًا لكن وجود بيئة حاضنة في أفغانستان أثار مخاوف من لملمة التنظيم لصفوفه مرة أخرى".

وذكر التقييم الأمني أن عددًا من عناصر فرع "القاعدة" في أفغانستان، والمعروف سابقًا باسم "القاعدة في شبه القارة الهندية"، ظلوا غير ناشطين، وركّزوا على الإنتاج الإعلامي. إلا أن تقرير الأمم المتحدة قدّر عددهم بما بين 800 و400 مقاتل، ومعظهم من بنغلاديش، والهند، وميانمار، وباكستان، ممن كانوا في وحدات قتالية تابعة لحركة "طالبان".

ويتفق المسؤولون الاستخباريون الأميركيون وخبراء الإرهاب على أن تنظيم "القاعدة"، وفي المدى القصير، سيعتمد على الجماعات الموالية له خارج أفغانستان للقيام بعمليات ضد الغرب. واعتبروا أن هؤلاء لا يمثلون تهديدًا للولايات المتحدة على غرار هجمات 11 سبتمبر 2011، لكنّهم أكدوا أن هذه الجماعات تتّسم بالعزيمة والتصميم.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close