أعلنت الولايات المتحدة، على لسان رئيسها جو بايدن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة أميركية بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية كابل.
ويُعتبر أيمن الظواهري ظاهرة في الفكر الجهادي كما يصفه أتباعه، وهو المنظّر العابر من الفكر الأزهري إلى الوسطي فالسلفي الجهاديّ.
والظواهري الطبيب المصري الذي تحول إلى أحد أكبر المطلوبين في العالم بعد اتهامه بتدبير هجمات سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة التي أودت بحياة قرابة ثلاثة آلاف شخص، ظل متواريًا عن الأنظار منذ ذلك الحين.
وتسلم الظواهري (71 عامًا) زعامة تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وقد خصصت الولايات المتحدة جائزة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وفي السنوات التي أعقبت مقتل بن لادن في عام 2011، قتلت الضربات الجوية الأميركية عددًا من نواب الظواهري، مما أضعف قدرته على التنسيق على الصعيد العالمي.
جيّر الظواهري مهاراته التحليلية لخدمة قضية تنظيم القاعدة. ويُعتقد أنه المخطط الإستراتيجي الرئيسي والعقل المدبر الحقيقي وراء عمليات القاعدة، بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، وكذلك كان الطبيب الشخصي لبن لادن.
من هو أيمن الظواهري؟
ولد أيمن محمد ربيع الظواهري في 19 يونيو/ حزيران 1951 لعائلة عريقة مثقفة. وبعد أن كان ثاني أبرز قياديي تنظيم القاعدة الذي تصنفه معظم دول العالم منظمة إرهابية، تمكن بعد مقتل أسامة بن لادن، من أن يصبح زعيم تنظيم القاعدة.
ونشأ الظواهري في ضاحية المعادي الراقية بالقاهرة، فيما كان والده طبيبًا معروفًا وجده إمامًا في جامع الأزهر بالقاهرة. درس الطب في جامعة عين شمس، فالماجستير قبل أن يحصل على الدكتوراه في باكستان.
وسطيًا، نمت أفكاره وتوجّهاته في كنف جماعة الإخوان المسلمين ليخوض معها تجربته الأولى في السجن، عند سنّ الخامسة عشر من عمره، حيث استوحى أفكاره من الأفكار الثورية للكاتب المصري سيد قطب الذي أُعدم عام 1966 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
حين ارتبط اسمه باغتيال أنور السادات
وكانت المرة الأولى التي سمع فيها العالم عن الظواهري عندما وقف في قفص بقاعة المحكمة بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981.
فقد ارتبط اسم الظواهري مع هذه الحادثة، كأمير لتنظيم "الجهاد الإسلامي"، حيث اعتُقِل لتتمّ تبرئته لاحقًا من مسؤولية الاغتيال.
حينها أعلى الظواهري، الذي كان مرتديًا جلبابًا أبيض شأنه شأن المتهمين الآخرين الذين أغضبهم اتفاق السلام الذي أبرمه السادات مع إسرائيل، صوته بالقول إنهم ضحوا ومستعدون لمزيد من التضحيات حتى انتصار الإسلام.
وقضى الظواهري حكمًا بالسجن ثلاث سنوات بتهمة حيازة سلاح دون سند من القانون، لكنه بُرئ من التهم الرئيسية.
"ظلّ" أسامة بن لادن
خرج أيمن الظواهري من السجن عام 1985 ليبدأ محطة جديدة في أفغانستان، ضمن ما كان يُعرَف بـ"المجاهدين العرب". وهناك تعرّف على أسامة بن لادن ليصبح بعد ذلك الذراع الأيمن له والرجل الثاني في ما عرف لاحقًا بتنظيم القاعدة.
متصدّرًا قائمة "الإرهاب العالمي"، صُنّف الظواهري مع بن لادن بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001، ليواصل طريقه على يمين بن لادن وظلًا له، حتى اغتيال الأول عام 2011 في قصف أميركي.
وبعد موت بن لادن، حمل الظواهري لواء فكره وحربه، لتشهد حقبته تغيّرات مفصليّة حيث ولد تنظيم الدولة منافسًا ثمّ مناوئًا، قبل أن يلحق ببن لادن، بعد مسيرة طويلة من مواجهة ما كان يسميها "قوى الاستكبار العالمي"، رغم الانحسار الكبير لتنظيم القاعدة والتراجع الكبير في عملياته وحضوره.
اتهامات عدّة ومكافأة
وتولى الظواهري قيادة الجهاد الإسلامي في مصر عام 1993، وكان شخصية بارزة في حملة منتصف التسعينيات للإطاحة بالحكومة وإقامة دولة إسلامية خالصة. وقُتل خلال الحملة تلك أكثر من 1200 مصري.
وشنت السلطات المصرية حملة قمع على الجهاد الإسلامي بعد محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في يونيو/ حزيران 1995 في أديس أبابا.
واتهم الظواهري بإصدار أمر بشن هجوم عام 1995 على السفارة المصرية في إسلام أباد، ردًا على حملة السلطات المصرية. واصطدمت سيارتان مليئتان بالمتفجرات ببوابات مجمع السفارة، مما أدى إلى مقتل 16 شخصًا.
كما واجه الظواهري اتهامات متعددة بالضلوع في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998. ورصد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) منذ ذلك الحين 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إليه.