جذبت الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية معظم الاهتمام في الأيام الأولى للحرب، بينما انضمّ المدنيون في البلدات الريفية إلى القتال، متجاهلين روتين الحياة القروية اليومية.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن القرى الأوكرانية الريفية وتحديدًا في قرى منطقة فينيتسيا وسط أوكرانيا، باتت تعجّ بمجموعات المقاومة الشعبية، بعد أن حمل المدنيون العاديون من مزارعين وسائقي سيارات الأجرة وأصحاب المتاجر وغيرهم، الأسلحة والهراوات والزجاجات الحارقة استعدادًا لحرب الشوارع.
وقالت أوكسانا مودريك، عمدة قرية خوموتينتسي التي تبعد 225 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة كييف للصحيفة: "أنا فخورة جدًا بشعبنا. قريتنا صغيرة جدًا لدرجة أنني كنت أفكر هل لدينا أي شخص يقوم بدوريات في الشوارع؟ اعتقدت أنه ربما يأتي ثلاثة رجال على الأكثر للقيام بذلك. ولكن في يوم واحد بعد اندلاع الحرب في كييف، قمت بتسجيل أكثر من 30 شخصًا".
خنادق وملاجئ
في خوموتينتسي، المرج الكبير الذي يمتدّ على طول نهر بوستولوفا والذي عادة ما يكون مكانًا للترفيه، حيث يصطاد القرويون في النهر على مدار السنة ويسبحون فيه في الصيف، تجمّعت القرية بأكملها لحفر خنادق ونقاط تفتيش شعبية وملاجئ تحت الأرض نهاية هذا الأسبوع.
ومساء السبت، قادت مودريك سيارتها للاطمئنان على المتطوّعين الذين يعملون تحت قيادتها. وتفعل ذلك عدة مرات كل ليلة لحراسة الدوريات على جوانب الطرق من الغسق حتى الفجر.
وقالت مودريك: "إنني أبكي بشدة لأنه من الصعب للغاية التعود على واقعنا الجديد. لكنني أحني رأسي تكريمًا لشعبنا. طُلب منا اليوم تقديم بعض المساعدة في الطعام للجنود، وفي غضون ساعتين قمنا بتحميل شاحنة مليئة بالطعام من قريتنا فقط".
بدوره، قال سيرهي أوسافوليوك، الذي سجّل في مهمة الدورية، إن زوجته سرعان ما حذت حذوه. ويتجوّل الزوجان حاملين المصابيح الكهربائية ويوقفان السيارات ويتفقّدان من بداخلها.
إزالة لافتات الطرق
تتكرّر هذه المشاهد في كل القرى الريفية. وساعد المئات من السكان المحليين في بناء التحصينات، وجلبوا أكياسًا كبيرة من منازلهم وملؤوها بالرمل.
بدورها، أصدرت وكالة الطرق الوطنية في أوكرانيا أمرًا بإزالة جميع لافتات الطرق، لجعل التنقل أكثر صعوبة على القوات الروسية.
وعلى الطريق بين مدينتي فينيتسا وكالينيفكا، بدأت تلك العملية بعد أن اختفت اللافتة التي تدل إلى قرية بيساريفكا.
وقال فولوديمير، عامل خدمات الطرق البالغ من العمر 55 عامًا ولم يرغب في الكشف عن اسمه الأخير لأسباب تتعلّق بالسلامة، إنه كان يقود سيارته حول المكان وهو يزيل اللافتات". وأضاف في حديثه عن القوات الروسية: "من المهم أن يضيعوا".
وفي كالينيفكا، القريبة من مستودع أسلحة كبير استهدفته القوات الروسية، قام متطوعون محليون بحياكة شرائط صغيرة من القماش معًا لتشكيل شبكة تمويه مؤقتة فوق نقطة التفتيش الخاصة بهم. وتقع نقطة التفتيش بجوار ملجأ للاختباء فيه إذا بدأ القصف الروسي.
في بعض الأماكن، كما في هوشتشينتسي، شملت جهود المتطوعين القرية بأكملها. كان حوالي 50 شخصًا يكدسون الأخشاب في مخابئ مؤقتة، بينما تقوم النساء بإعداد وجبات منزلية. حتى الأطفال أرادوا المشاركة في التحضيرات.
أما ساحة البلدة بالقرب من مركز للتجنيد العسكري في كالينيفكا، فكانت مليئة بالرجال الذين يحملون حقائب من القماش الخشن، يودّعون زوجاتهم وأطفالهم، أثناء توجّههم للقتال. وبالتزامن، وصلت أعداد كبيرة من الوافدين الجدد للالتحاق بالقتال.
من بين هؤلاء الوافدين الجدد، فولوديمير فارتشوك (67 عامًا) الذي وصل على متن دراجة متهالكة للغاية. وكان الناس يركضون داخل وخارج مركز التجنيد حاملين أكياس طعام وماء وملابس.
أما فيكتور، الرجل المسن، فجاء ليودع ابنه. وقال للصحيفة: "روحي لا تهدأ. ما هو شعورك بإرسال ابنك إلى الحرب؟".