يشكل الفلسطينيون الأغلبية في مدينة القدس المحتلة، رغم أن هذا ليس ما خطّطت له إسرائيل وعملت عليه وما زالت تعمل، ألا وهو "تهويد القدس".
ويعبّر مصطلح "تهويد القدس" عن المحاولات المستمرّة من قبل السلطات الإسرائيلية من أجل نزع الهوية الإسلامية والمسيحية التاريخية من المدينة وفرض طابع مستحدث جديد.
وبالفعل، باتت القدس ورشة بناء إسرائيلية لا تتوقف، حيث للجرافات فيها أيديولوجيا واضحة، وهي الإبقاء على الفلسطينيين أقلية داخل وطنهم.
تهويد القدس وتوسيعها
تبلغ مساحة القدس اليوم أكثر من 125 كيلومترًا مربعًا، لتكون بذلك أكبر مدن فلسطين التاريخية، حتى إنها تتجاوز بالمساحة العاصمة الفرنسية باريس.
تمتد المدينة من رام الله شمالًا وحتى بيت لحم جنوبًا، لكنّ الاحتلال يعتبر المناطق التي كانت تبعد أكثر من عشرة كيلومترات عنها جزءًا منها أيضًا ويسبغها بهالة مقدسة.
وتأتي غالبية هذه الزيادة في المساحة من الأراضي المحتلة عام 1967؛ فرغم أن مساحة الشطر الشرقي للمدينة الواقع تحت الوصاية الهاشمية الأردنية قُدرت بـ6 كيلومترات مربعة، إلّا أن المساحة التي ضمّها الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت السبعين كيلومترًا.
والهدف من توسيع القدس إلى هذه المساحة الهائلة هو منع الانسحاب الإسرائيلي منها على اعتبار أنّ هذه المناطق الآن جزء من "القدس المقدّسة" غير القابلة للتفاوض إسرائيليًا.
قرارات اتخذت بسرية مطلقة
وجاءت معظم القرارات التي اتخذها الاحتلال حول القدس بعد النكسة بأيام وبسرية مطلقة.
ففي 27 يونيو/ حزيران 1967، أقرّ الكنيست بالقراءات الثلاث وفي يوم واحد مشروع قانون سيعرف لاحقًا بقانون ضم القدس.
لكنّ اللافت أنّ القدس لم تُذكَر في القانون ولو لمرة واحدة، فيما غاب رئيس الوزراء الإسرائيلي وجميع الوزراء عن جلسة الكنيست حتى لا تكون احتفائية وحتى لا ينتبه العالم لها.
وفي حين كان هذا أسرع قانون أقرّه الكنيست، جاءت الترجمة سريعة أيضًا على الأرض، حيث أقرّ الاحتلال بسرعة كبيرة إقامة بؤر استيطانية تخترق الأحياء العربية. ويقدّر عدد المستوطنين في القدس الشرقية بأكثر من 200 ألف.
ولإقامة هذه البؤر الاستيطانية، صادر الاحتلال أكثر من ثلث الأراضي الفلسطينية الخاصة في المدينة، إضافة إلى آلاف الدونمات الأخرى من المناطق المحيطة.
كما أقرّ الاحتلال نقطة أخرى، وهي ألا تتجاوز نسبة الفلسطينيين في المدينة الـ26.5%، وأن يبقى اليهود أغلبية مطلقة تتجاوز نسبتهم الـ70%.
واليوم، وبعد 56 عامًا، يمكن القول إن الاحتلال فشل في هذه النقطة أيضًا، حيث يشكل الفلسطينيون 40% من سكان المدينة وتزداد نسبتهم عامًا بعد آخر.
في المقابل، من الواضح أنّ اليهود أضحوا مجموعات متباعدة اجتماعيًا، إذ لا تشكّل أيّ واحدة منها أغلبية في هذه المدينة، والهجرة فيها لليهود سلبية.
كل ما تحتاجون معرفته عن سياسة الاحتلال لتهويد مدينة القدس، تجدونه في الفيديو المرفق من سلسلة "خبر بلس".