أثارت محاولة أفراد الشرطة في تونس وقف عرض لممثل كوميدي أثناء أدائه على المسرح، جدلًا واسعًا في البلاد، وخشية من عودة الرقابة على الفن.
وقعت الحادثة يوم الأحد الماضي، وكان حينها الفنان لطفي العبدلي، المعروف بجرأته في مسرحياته، يؤدي عرضًا فرديًا بعنوان "في سن الخمسين، أقولها كما أعنيها"، ضمن فعاليات مهرجان صفاقس الدولي.
وقد حاول حينها أفراد من الشرطة ممّن كانوا يؤمنون الحدث الثقافي وقف العرض بدعوى أن المضمون ينافي الحياء. وجاءت تلك المحاولات بعد مشهد انتقد فيه الفنان الكوميدي السلطة وجهاز الأمن مرات عدة.
وأعرب العديد من التونسيين عن استهجانهم لسلوك عناصر الأمن المعنيين، مشددين على رفض أي رقابة على المحتوى الفني.
وكذلك استنكر العديد من الجمعيات والمنظمات ما حصل، منددين بوصاية الشرطة على الأعمال الفنية، وبتغول النقابات الأمنية، حيث لم يكن للشرطة الحق في تشكيل نقابات في ظل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
"هذا ما أثار حفيظتنا"
من ناحيتها، نشرت نقابة الأمن الداخلي تدوينة على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، أرفقتها بتسجيل مصور لمقطع من المسرحية.
وكتبت في المنشور أن "هذا ما أثار حفيظتنا"، مشيرة إلى أنها "تعتذر على نشر المقطع الذي يحوي تفاهات وحماقات"، وفق تعبيرها.
ولفتت النقابة في تدوينة أخرى، إلى أنه من المفروض أن تتكفل إدارة المهرجان بحماية العرض، معتبرة أن "الشرطة إن قبلت بذلك، فإن الأمر من قبيل الفضل".
وأضافت أن "على الفنان أن يكون في المستوى، وألا يكون نصف نص المسرحية عن الشرطة".
من جانبها، قالت وزارة الداخلية في بيان إن الموقف الرسمي للوزارة يصدر عن هياكلها الرسمية التابعة لها من دون سواها، مؤكدة في البلاغ نفسه حرصها على ضمان كرامة أعوانها في نطاق القانون.
"تونس تشهد حالة اختناق لديمقراطيتها"
وتعليقًا على ما شهدته تونس، يلفت الشاعر والمترجم وليد أحمد الفرشيشي، إلى أن قوات الأمن كانت قد اعتدت في حينه على صحافيَين وعلى منتج المسرحية، واصفًا ما حصل بـ"الهمجي".
ويذكر في حديثه إلى "العربي" من تونس، بأن "نشطاء في المجتمع المدني وصحافيين، على رأسهم نقيب الصحافيين التونسيين، تعرضوا قبل أسبوعين تقريبًا إلى اعتداء همجي في شارع الحبيب بورقيبة على خلفية احتجاج سلمي قبيل الاستفتاء على الدستور الجديد".
ويقول إنه "بات واضحًا اليوم أن هناك حالة من الاندماج بين المؤسسة الأمنية والسلطة الحالية القائمة، التي يبدو أنها تفتقر إلى المشاريع والبرامج فلم تجد سوى في قوات الأمن آلتها الباطشة".
ويشدد على أن الفنون بصفة عامة ونشطاء المجتمع المدني والقضاة أيضًا ليسوا المهددين فقط في حرياتهم اليوم، بل تونس بأسرها، لافتًا إلى أن البلاد تشهد حالة اختناق لديمقراطيتها.