خاض المخرج المصري علي العربي رحلة طويلة امتدت لأكثر من سبع سنوات حتى رأى فيلمه الوثائقي الطويل الأول يشارك بمهرجانات سينمائية كبيرة، لكن الفيلم لم يقدم على الشاشة حلم المخرج فحسب بل أحلام آلاف اللاجئين بمخيم الزعتري في الأردن ممن يبحثون عن حياة أفضل.
قصة الفيلم
يتتبع فيلم "كباتن الزعتري" قصة اللاجئين السوريين محمود وفوزي منذ مرحلة المراهقة عندما كانا في سن 16 و17 عامًا وصولًا إلى مرحلة العشرينات من العمر ورحلتهما مع كرة القدم، التي كانت تسليتهما الوحيدة داخل المخيم حتى تحولت إلى عشق ونافذة أمل يمكن أن تأخذهما بعيدًا عن إحباطات اللجوء والغربة.
وبعد أن يصبح محمود وفوزي من أمهر اللاعبين في المخيم يبتسم لهما القدر حين تأتي أكاديمية "إسباير" القطرية الرياضية لاختيار مجموعة من المواهب لتشكيل فريق "أحلام سوريا"، الذي ينتقل من خارج المخيم إلى داخل الأردن ومنه إلى قطر حيث يشارك في بطولة كبيرة تذاع مبارياتها على الشاشات التلفزيونية ويراهما أهلهما في الزعتري.
فرصة لجميع اللاجئين
وأثناء مؤتمر صحافي أُقيم قبل إحدى المباريات يأتي حديث محمود للإعلام معبرًا عن جيله الذي نشأ وتربى في مخيمات اللاجئين قائلًا: "أعطوا جميع اللاجئين فرصة.. فرصة للتعليم، فرصة للرعاية الصحية، فرصة للرياضة، كل ما يحتاجه اللاجئ هو فرصة وليس الشفقة".
وبعد وصوله للذروة، يكمل الفيلم رحلة عودة محمود وفوزي إلى المخيم، حيث تجاوز كلاهما العشرين سنة ويشرعان في نقل الخبرات القليلة التي اكتسباها خلال رحلتهما إلى جيل أصغر من أطفال المخيم ربما يكون حظه أفضل في العيش يومًا خارج أسوار الزعتري وإيجاد فرصة احتراف بأندية كبيرة.
والفيلم مدته 75 دقيقة وساهمت فيه جهات إنتاج متعددة نظرًا لطول فترة تصويره، كما حصل على تمويل من منصة الجونة السينمائية وحظي بمساندة ودعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
كسر رهبة الكاميرا
ومن جهته، قال المخرج علي العربي، عقب عرض الفيلم بمهرجان الجونة: "قبل البدء في التصوير ركزنا على كسر الحاجز بيننا وبين بطلي الفيلم فعكفنا على توطيد علاقتنا بهما لمدة عام تقريبًا حتى أصبحنا أصدقاء وزالت عنهما رهبة الكاميرا".
وأضاف: "على مدى سنوات تراكمت لدينا مادة مصورة تزيد على 700 ساعة وهو ما جعل عملية المونتاج صعبة ومرهقة، لكن دخول شركاء جدد معنا ساعدنا على الاستفادة بأكبر عدد من الآراء للوصول إلى الأفضل".
البداية صعبة.. والنهاية أيضًا
وأوضح أن البداية لم تكن سهلة، إذ تطلب الأمر تصوير بضع ساعات وقيام فريق الفيلم بإعدادها وعرضها على السلطات في الأردن والجهات المسؤولة عن مخيم الزعتري لطمأنتهم بعدم تقديم محتوى مسيء أو ضار بقضية اللاجئين وكسب دعمهم، إلا أن هذا لم يمنع وقوع كثير من المتاعب لاحقًا.
ومثلما كانت البداية صعبة وخاضها العربي وحيدًا قبل انضمام شركاء آخرين إليه جاءت النهاية أصعب، إذ يحكي عن آخر يوم تصوير في الفيلم قائلًا: "قررنا التوقف عن التصوير عندما وجدنا أن لدينا رحلة طويلة نستطيع الحديث عنها، ولأن الاثنين كبرا ووصلا إلى عمر 22 و23 عامًا، حينها سألني فوزي متى ستأتون في المرة القادمة؟".
وأكد أن مخيم الزعتري مليء بالحكايات المفعمة بالأمل والطموح التي تستحق السرد مثل قصة محمود وفوزي لذلك فهو يعتبر فيلمه نقطة ضوء على القضية يتمنى أن تجذب المزيد من الاهتمام نحوها وألا يتحول الأمر إلى "موضة" لأفلام اللاجئين تظهر لبعض الوقت ثم تختفي.