الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

جذور تاريخية وتراكمات.. كيف وصلت الأزمة الروسية الأوكرانية إلى الحرب؟

جذور تاريخية وتراكمات.. كيف وصلت الأزمة الروسية الأوكرانية إلى الحرب؟

شارك القصة

تقرير حول العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا ومخاوف من تحولها إلى حرب شاملة (الصورة: غيتي)
أطفأ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فجر اليوم عن بدء العملية العسكرية في أوكرانيا محركات الدبلوماسية الأوروبية ليشعل جبهة من التنديد والتهديد. 

استيقظ العالم اليوم على واقع مختلف واستقطبت أوروبا الشرقية الأنظار، فقد بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي كثرت التحذيرات بشأنه بالفعل، وسط مخاوف من تحوله إلى حرب شاملة.

هو اليوم الأول "لحرب" بدأت إعلامية فإلكترونية إلى أن تحولت إلى عسكرية يسمع صداها في كييف وتدور في شرق البلاد ولا تستثني عاصمتها.

أطفأ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فجر اليوم عن بدء العملية العسكرية في أوكرانيا محركات الدبلوماسية الأوروبية ليشعل جبهة من التنديد والتهديد بموازاة الجبهة العسكرية شرقي أوكرانيا. 

تطورات الميدان

في كلمة متلفزة غير معلنة مسبقًا فجر الخميس، قرر بوتين شنّ عملية عسكرية ضد الأراضي الأوكرانية، منددًا مجددًا بـ"إبادة" تدبرها أوكرانيا في شرق البلاد، ومستندًا إلى نداء المساعدة الذي وجهه الانفصاليون خلال الليل وسياسة حلف شمال الأطلسي العدائية حيال روسيا والتي تشكل أوكرانيا أداة لها، حسب رأيه.

وبعد ساعات قليلة من إعلان بوتين شن هجوم، دخلت القوات البرية الروسية أوكرانيا من اتجاهات عدة، وفق ما أعلن حرس الحدود الأوكراني. وأوضحت قوات حرس الحدود الأوكرانية في بيان أن دبابات روسية ومعدات ثقيلة أخرى عبرت الحدود في مناطق شمالية عدة، وكذلك من شبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين في جنوب أوكرانيا.

قصفت روسيا مدنًا أوكرانية عدة بما فيها العاصمة كييف وشهدت مدن خاركوف، وكراماتورسك، وماريوبول، وميكولايف وأوديسا انفجارات متتالية. وأعلن حرس الحدود الأوكراني أن أوكرانيا تتعرض لهجوم مدفعي على طول حدودها الشمالية مع روسيا وبيلاروسيا، مشيرًا إلى أن القوات الأوكرانية ترد بإطلاق النار.

وقُتل ما لا يقل عن 8 أشخاص وأصيب 9 آخرون جراء القصف الروسي على أوكرانيا، حسبما أكد مستشار لوزير الشؤون الداخلية الأوكراني اليوم الخميس.

كما أعلن انفصاليون مدعومون من روسيا في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم أسقطوا طائرتين حربيتين أوكرانيتين قرب لوغانسك في شرق أوكرانيا.

ومن جهة أخرى، أعلن الجيش الأوكراني اليوم الخميس أنه دمر أربع دبابات روسية على طريق قرب مدينة خاركيف في شرق البلاد وقتل 50 جنديًا بالقرب من بلدة في منطقة لوغانسك، كما أسقط سادس طائرة روسية في المنطقة ذاتها. 

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي شبّه التصعيد الروسي على بلاده بأفعال "ألمانيا النازية" خلال الحرب العالمية الثانية، فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد. وفتح وزير دفاع أوكرانيا أوليكسي ريزنيكوف باب الانضمام  إلى صفوف قوات الدفاع الإقليمية لأي شخص لديه الاستعداد والقدرة على حمل السلاح، فيما أعلنت الشرطة الأوكرانية أنها ستوزع أسلحة على قدامى المحاربين.

وبعد بدء العملية العسكرية هدد بوتين من سيتدخل بأنه "سيرى ما لم يره العالم". 

جذور الأزمة

تطالب أوكرانيا الغرب منذ سنوات بتسريع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي في ظل التهديد الروسي المتزايد، وهم يرفضون ذلك بحجة عدم كفاية الإصلاحات المطبقة وخوفًا من التسبب بتصعيد عسكري مع موسكو. والأخيرة وكييف على خلاف منذ وصول حكام موالين للغرب عام 2014 إلى السلطة في أوكرانيا، وضمّت موسكو بعد ذلك شبه جزيرة القرم واندلعت حرب مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.

ويخوض الجيش الأوكراني نزاعًا حادًا مع مقاتلين انفصاليين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، منذ أن ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014.

الحشد العسكري الروسي

وبدأ التصعيد على خط الأزمة قبل أشهر حين حشدت روسيا جنودها على الحدود مع أوكرانيا ضمن "مناورات عسكرية"، وبدأت المخاوف من تصعيد روسي. واتهمت موسكو كييف بممارسة "استفزازات" عند الجبهة في الشرق الأوكراني.

أعلنت حينها الولايات المتحدة أن "كل الخيارات" مطروحة للرد على الحشد العسكري الروسي، وعبّر عدد من الدول الأوروبية عن موقف داعم لأوكرانيا، فيما أكد حلف شمال الأطلسي أنه سيرد على أي تصعيد روسي.  

انطلقت المساعي الدبلوماسية، وكان أبرزها لقاء جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في 21 يناير/ كانون الثاني الفائت. طالبت روسيا واشنطن بتقديم ردّ خطيّ  على مطالبها حول انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أوروبا الشرقية. لكن واشنطن صعّدت لهجتها ما أدى إلى تعثر الحل الدبلوماسي وقرع طبول الحرب.

كانت روسيا خلال الفترة السابقة تنفي أنها تخطط لشن هجوم على جارتها أوكرانيا، لكنها تقول إنها قد تقوم بعمل عسكري لم تحدده إذا لم تتم تلبية قائمة من المطالب، من بينها تعهد من حلف شمال الأطلسي بعدم السماح مطلقًا لأوكرانيا بالانضمام لعضويته. واعتبرت روسيا أنّ الغرب يمارس سياسة الإملاءات على روسيا ويتجاهل مخاوفها الأمنية المشروعة.

ولم ينزع إعلان بوتين سحب بعض قواته المنتشرة قرب أوكرانيا في منتصب فبراير/ شباط مخاوف الغرب من عملية عسكرية محتملة ضد أوكرانيا.

وعكست طاولة الاجتماع في اللقاء الذي ضم بوتين وكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني عمق الهوة بين الغرب وروسيا الرافضة لتمدد حلف شمال الأطلسي، فيما فشلت دبلوماسية الهواتف في نزع فتيل الأزمة. 

اعتراف روسيا بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك"

واستمرت الأزمة الأوكرانية الروسية بوتيرة تصاعدية، وصلت أوجها في أعقاب إعلان الرئيس الروسي مساء الإثنين، اعتراف بلاده رسميًا باستقلال ما يُعرف بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" الانفصاليتين وسط رفض دولي واسع وهو ما اعتبرته دول غربية عدة بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا. 

وعقب إعلان بوتين، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء عن الدفعة الأولى من العقوبات على روسيا بسبب ما قال إنه بداية غزو لأوكرانيا، متعهدًا بفرض عقوبات أشد إذا واصلت روسيا "عدوانها". وتستهدف العقوبات، من بين أمور أخرى، البنوك الروسية والديون السيادية. ووافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع الثلاثاء على حزمة عقوبات "تستهدف النواب الروس الذين أيدوا الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا". وقررت ألمانيا تعليق تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2.

التصعيد العسكري

ويوم الثلاثاء الماضي، باشرت الأمم المتحدة عمليات نقل موظفيها الدوليين غير الأساسيين العاملين في أوكرانيا. وأفاد موفد "العربي" إلى دونباس يومها بأن الانفصاليين بدأوا قصف مواقع الجيش الأوكراني براجمات الصواريخ وقذائف غراد على أكثر من محور على طول خط التماس في دونباس بعدما كان تبادل النيران في الأيام الأخيرة يقتصر على القصف المدفعي. 

وأفادت "رويترز" يوم الثلاثاء بأن قافلة عسكرية تضم أكثر من 100 شاحنة تحمل جنودًا شوهدت وهي تتجه صوب الحدود الأوكرانية في منطقة بيلغورود الروسية.

وكان زعيم منطقة لوغانسك الانفصالية في شرق أوكرانيا أعلن أمرًا بالتعبئة العامة في 19 فبراير/ شباط الجاري، حاذيًا حذو زعيم الانفصاليين في دونيتسك. 

ودفعت العملية العسكرية الروسية بردود فعل دولية كان أبرزها تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بأن "العالم سيحاسب روسيا" على هجومها في أوكرانيا، محذرًا من "خسائر بشرية كارثية". 

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فقد وجه نداء في اللحظة الأخيرة إلى الرئيس الروسي لوقف الحرب "باسم الإنسانية".

ومن جهته، أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ،  اليوم الخميس، "الهجوم الروسي المتهور وغير المبرر" على أوكرانيا، محذرًا من أنه يعرّض "عددًا لا حصر له" من الأرواح للخطر. كذلك أدانت فرنسا الهجوم الروسي، فيما توعدت ألمانيا روسيا بعقوبات شاملة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close