السبت 14 Sep / September 2024

جزيرة إبريق الشاي.. كيف أسهم هوس الاقتناء في بناء متحف فريد من نوعه؟

جزيرة إبريق الشاي.. كيف أسهم هوس الاقتناء في بناء متحف فريد من نوعه؟
الأربعاء 6 سبتمبر 2023

شارك القصة

تحوّلت جزيرة إبريق الشاي من بقعة بسيطة ومغمورة إلى متحف مشهور على مستوى العالم - غيتي
تحوّلت جزيرة إبريق الشاي من بقعة بسيطة ومغمورة إلى متحف مشهور على مستوى العالم - غيتي

أن تكون لأباريق الشاي في بريطانيا جزيرة خاصة، فذلك يعني أن المشروب الساخن الذي يحظى بمكانة هامة في حياة الإنكليز، قد شكّلت طقوسه أو جانبًا منها منعطفًا في حياة أحد البريطانيين.

وتلك حكاية السيدة سو بلازي التي أنشأت متحفًا يزدحم بأباريق الشاي في ما يُشبه الجزيرة عند نهر في قرية يالدينغ الواقعة بمقاطعة كنت.

قصة سو بلازي مع أباريق الشاي

رحلة بلازي مع جمع تلك الأواني، كانت قد بدأت عام 1983، عندما قدّمت لها جدتها ثم أخت زوجها إبريقي شاي على سبيل الهدية، وذلك لوضعها في الخزانة ومنح الغرفة شيئًا من الزينة بشكلها الجميل.

والإبريقان لم يلبث عددهما أن تضاعف تباعًا، تارة عبر الهدايا التي قدّمها الأقارب والأصدقاء، وتارة أخرى عبر قيام سو التي سكنها هوس أباريق الشاي بشراء المزيد.  

عندما ضاق المنزل بأعداد الأباريق عبرت بلازي وعائلتها النهر عام 2002، نحو مطعم متواضع كان يقدّم الطعام والشراب للصيادين، فحولوه إلى متحف لأباريق الشاي وملحقاتها.

ومع تغيير اسم المكان إلى جزيرة إبريق الشاي، تحوّل من بقعة بسيطة ومغمورة إلى متحف مشهور على مستوى العالم، ولا سيما بعد دخوله موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2004.

ولم تكن حياة عائلة بلازي وحدها من طالها التغيير، فقد ترك أثره على حياة جيران الجزيرة بعد توافد السياح ومشاهير الفن والسياسة إليها لزيارة المتحف.

دخل متحف أباريق الشاي موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2004 - غيتي
دخل متحف أباريق الشاي موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2004 - غيتي

جزيرة إبريق الشاي

يضم المتحف آلاف أباريق الشاي بأشكال وألوان مختلفة، منها المألوف وبعضها الغريب، وبينها ما يحمل وجوه أشخاص أو حيوانات. ويشمل المكان أيضًا فسحة للتمتع بطقوس شرب الشاي بنكهات خاصة جدًا.

تقول سو، مالكة "الجزيرة"، إنها لم تكن تتوقع أن تجمع أباريق الشاي طوال حياتها. 

وعندما تروي كيف كرّت السبحة بعد حصولها على الهدية الأولى، تشير إلى أن الأصدقاء والمعارف وحتى من لم تكن تعرفهم كانوا يحضرون إلى منزلها لرؤية تلك الأواني.

تؤكد سو أنها ستجد طريقًا للحصول على المال لكل إبريق ترغب بشرائه، غير أن ما يؤرقها هو عدم وجود المساحة الكافية لعرضها. 

وتردف بأن "المساحة دائمًا ما تنفد، وأن أصعب ما يواجهها هو امتلاء المكان".

ذاك الازدحام كان قد خبره ابنها لوك بلازي، الذي ترك تجارة السيارات للتفرغ لإدارة "الجزيرة". فالشاب الذي يصف المتحف بالمكان الفريد من نوعه، يروي أن أباريق الشاي التي بدأت والدته بجمعها عندما كان في الثانية من عمره توسّعت من غرفة إلى أخرى داخل منزل العائلة دون توقف.

ويشير إلى أن الأباريق كانت في الحمامات وغرف الألعاب وفي كل مكان يمكن التفكير فيه، موضّبة من السقف نزولًا إلى كل الرفوف ومرتبة على طول المساحة.

الفن لأجل الفن

أمام تنوّع المعروضات المميزة والفاتنة، يؤكد جار الجزيرة مايك بيلي أن صانعي أباريق الشاي ينتجون الفن لأجل الفن وليس ليصبحوا معروفين أو أغنياء.

يعتبر الرجل أن هؤلاء الفنانين لا يتوخّون إثارة الإعجاب بتلك الأشكال الفنية، بل القول إن هذا ما يمكنهم فعله. ثم يردف جازمًا بأنهم "يجيدون ذلك الفن فعلًا".

غير أن مريم سماذيل التي زارت الجزيرة، اعتبرت أن المشكلة هي في كون تلك الأواني ليست أباريق شاي حقيقية، بل للزينة والزخرفة، وبالتالي ليس هناك من سبب عملي لشرائها. 

تقول سو، مالكة "الجزيرة"، إنها لم تكن تتوقع أن تجمع أباريق الشاي طوال حياتها - غيتي
تقول سو، مالكة "الجزيرة"، إنها لم تكن تتوقع أن تجمع أباريق الشاي طوال حياتها - غيتي

الشاي رمز المساواة

يكاد الشاي أن يكون مشروبًا وطنيًا في بريطانيا، له أوقاته الخاصة خلال اليوم، فضلًا عن طقوس وإيتيكيت صارم.

ولم يكن هذا المشروب البني مرتبطًا في الماضي بالثقافة البريطانية الاجتماعية على هذا النحو، فبحسب ما يُقال كان الإنكليز يفضلون حتى منتصف القرن التاسع عشر شرب القهوة على الشاي. 

جاء التغيير من داخل القصور الملكية البريطانية بعد زواج الملك تشارلز الثاني من الأميرة البرتغالية كاثرين ليبراغانزا عام 1662.

وفيما عُرف عن كاثرين عشقها للشاي، تقول الروايات إنها جلبت إلى القصر عند زواجها أوراقًا من هذه النباتات، وبفضلها وتأثيرها أصبح شرب الشاي طقسًا أرستقراطيًا يقتصر على الطبقة المخملية.

مع نهاية القرن التاسع عشر كان الشاي قد أصبح جزءًا من حياة القصور والمناسبات الملكية، وارتبط شربه بطقس مستوحى من الصين؛ يجمع إلى مظاهر الفخامة والغنى تقاليد وخطوات وأوقات محدّدة وصارمة.

وبفضل الزواج الملكي توطدت العلاقة أكثر مع البرتغال، التي أتاحت لبريطانيا استخدام موانئ مستعمراتها في إفريقيا وآسيا، ما مهّد الطريق لدخول الشاي بسهولة وبكميات كبيرة إلى بريطانيا.

ثم تباعًا، وبمرور السنوات، انتشر شرب الشاي وسط كل طبقات المجتمع البريطاني وبات جزءًا من ثقافته ليرمز إلى المساواة بين كل أفراده.


المزيد عن جزيرة إبريق الشاي وطقوس تناول هذا المشروب عند البريطانيين، في الحلقة المرفقة من أرشيف برنامج "الجار الغريب". 
المصادر:
العربي
Close