جهود الوساطة تتكثف.. هل يتم الإعلان عن هدنة في غزة قبل رمضان؟
رغم الآمال بالتوصل إلى هدنة في قطاع غزة مع سعي الوسطاء في الوصول إلى اتفاق بين الاحتلال والمقاومة، إلا أنّ الظروف التي يختبرها أكثر من مليوني شخص في القطاع تثير قلقًا دوليًا متزايدًا.
وحذّرت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، من "مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريبًا" تهدد 2,2 مليوني شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع المحاصر، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من أربعة أشهر.
وأتى ذلك في وقت تواصل فيه قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة، سعيًا لهدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 مارس/ آذار، وتتيح الإفراج عن الإسرائيليين المحتجزين داخل القطاع، وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية.
وبموجب اقتراح الهدنة الجديدة، "ستطلق حركة حماس سراح 42 إسرائيليًا من النساء والأطفال دون سن 18 عامًا إلى جانب المرضى والمسنين. في المقابل، سيتمّ إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بنسبة 10 مقابل واحد"، وفقًا لمصدر في حماس لوكالة فرانس برس. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب الحركة زيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.
تحرك قطري
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار خلال مقابلة مع برنامج الفكاهي سيث مايرز على شبكة "إن بي سي"، إلى أنّ شهر "رمضان يقترب وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم الانخراط في أنشطة خلال شهر رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن".
وكان الرئيس الأميركي أعرب الإثنين عن أمله "أنه بحلول الاثنين المقبل سيكون هناك وقف لإطلاق النار"، مضيفاً أنّ "مستشاري للأمن القومي يقول لي إننا قريبون، نحن قريبون، ولم ننتهِ بعد".
وبالتزامن مع تصريحات بايدن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: "سنكون سعداء بتحقيق ذلك بحلول نهاية الأسبوع"، مضيفًا: "نحاول الوصول بهذا الاتفاق إلى خط النهاية، ونعتقد أنّ ذلك ممكن".
بدوره، أعرب المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أمس عن أمله بالتوصل إلى هدنة. وقال: "لسنا بالضرورة متفائلين بأننا نستطيع الإعلان عن شيء ما اليوم أو غدًا، بشأن التوصل إلى اتفاق ما"، مضيفًا: "نحن جميعًا نسعى إلى تحقيق هذا الهدف، لكنّ الوضع على الأرض لا يزال متقلّبًا".
وفي إطار الحراك الدبلوماسي، بدأ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الثلاثاء زيارة دولة إلى فرنسا حيث التقى بالرئيس إيمانويل ماكرون، وشدّدا على ضرورة التوصّل إلى "وقف لإطلاق النار بسرعة كبيرة".
وكانت هدنة لأسبوع في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أتاحت إطلاق أكثر من 100 من المحتجزين الإسرائيليين لقاء الإفراج عن 240 معتقلًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية.
تحذيرات أممية
وسبق للمنظمات الدولية أن حذّرت من أن كمية المساعدات التي تدخل القطاع المحاصر، لا تكفي حاجات السكان. وشددت الأمم المتحدة الثلاثاء على أن "مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريبًا" في غزة، خصوصًا في شمال القطاع، حيث أصبحت المجاعة "وشيكة" في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية.
وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو لمجلس الأمن الدولي ط: "ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة". وأضاف: "علينا أن نثابر ونتحمّل مسؤولياتنا حتى لا يحدث ذلك أمام أعيننا".
من جهته، لفت راميش راجاسينغهام متحدثاً باسم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إلى تفشٍّ للمجاعة "لا يمكن تجنّبه تقريباً".
وقال: "نحن في نهاية شهر فبراير/ شباط، حيث يوجد ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة. ويعاني واحد من كلّ ستة أطفال تحت سنّ الثانية في شمال غزة من سوء التغذية الحاد والهزال".
وأضاف: "عمليًا، يعتمد جميع سكان غزة تقريبًا على المساعدات الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة"، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.
جبهة واسعة
ويشعر المجتمع الدولي بقلق متزايد إزاء العواقب الكارثية المحتملة للهجوم البري الذي تهدد إسرائيل بشنّه على مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، والتي باتت الملاذ الأخير لنحو 1,5 مليون شخص، وفقاً للأمم المتحدة.
وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" من هذه المدينة القريبة من الحدود مع مصر، قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند إنه لم يسبق له أن رأى "مكانًا يتعرض لهذا القدر من القصف على مدى هذه الفترة الطويلة مع سكان محاصرين إلى هذا الحد دون أي منفذ". وشدد على أن المنظمات الإغاثية "غارقة في هذا المحيط من الحاجات".
وأثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساع نطاق النزاع إلى جبهات أخرى، خصوصًا في ظل التبادل اليومي للقصف عبر الحدود بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، وشنّ الحوثيين هجمات على سفن قبالة سواحل اليمن، ما دفع الولايات المتحدة إلى قيادة ردّ عسكري عليهم.
وجددت الولايات المتحدة الثلاثاء الدعوة إلى التركيز على الدبلوماسية، لإيجاد حل للتصعيد العسكري في جنوب لبنان، بعد تحذير إسرائيل من أنها ستواصل هجماتها على حزب الله حتى لو تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: "لا نريد أن نرى أيًا من الجانبين يصعّد النزاع في الشمال".
وأضاف: "قالت حكومة إسرائيل علنا وأكدت لنا بشكل خاص أنهم يريدون تحقيق مسار دبلوماسي". وتابع "هذا ما سنواصل السعي إليه، وفي النهاية، هذا من شأنه أن يجعل العمل العسكري بلا داع".