Skip to main content

جهود ما بعد وقف إطلاق النار في غزة.. هل ينجح رعاة الهدنة في تثبيتها؟

الأحد 23 مايو 2021

تدبّ الحياة في غزة من جديد بالكثير من الحذر. فلا يقين إلا أن من صمد من أهلها، خرجوا من المعركة أحياء.

توقفت الحرب، لكن لم يخمد شرارها بعد، فكل أسباب المواجهة ما زالت قائمة؛ وذاك ما يدركه رعاة الهدنة في سعي يبدو شاقًا لتثبيتها.

عادت القاهرة لقيادة الوساطة ولدورها القديم، وجاء وفد مصري إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، في زيارة تأتي لاستئناف المحادثات بشأن تثبيت وقف إطلاق النار وتأمين هدوء طويل، كما يقول أعضاء الوفد.

فما هي أهداف هذه الزيارة إلى غزة والضفة وتل أبيب؟ هل تقتصر على محاولات تثبيت التهدئة أم أنها ستبحث فتح مسار تفاوضي جديد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بناء على رؤية الإدارة الأميركية لحل الدولتين، والتي عبّر عنها بايدن أكثر من مرة في الأيام الأخيرة؟

"المقاومة أصبحت هدفًا عند الجميع"

يشير عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق إلى أن موقف الحركة واضح من حيث أن الحركة وفصائل المقاومة ستلتزم بوقف إطلاق النار ما التزم به الاحتلال.

ويلفت إلى أنه كان واضحًا لدى كل الذين توسطوا، لا سيما الوفد المصري، أن من استدعى الحرب إلى المنطقة هو تجاوز الإسرائيليين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.

ويعتبر أن الأقصى والقدس فجّرا ليس فقط بوابة غزة، بل بوابة المقاومة، التي ناشد الفلسطينيون في المسجد الأقصى تدخلها، موضحًا أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده ـ ليس فقط في قطاع غزة ـ انتفض نصرة للقدس.

ويشدد على أن القدس خط أحمر، معربًا عن اعتقاده بأن الجميع فهم الرسالة.

ويردف بالقول إن "من أهم نتائج معركة القدس والأقصى هي وحدة الشعب الفلسطيني بمختلف أماكن وجوده، حتى في عواصم الاغتراب، فهؤلاء كلهم انتفضوا في شوارعهم". 

وينوّه إلى أن "وحدة الشعب الفلسطيني نتج عنها وحدة الهدف الفلسطيني"، لافتًا إلى أن "التسوية السياسية السابقة والأسس التي بُنيت عليها لم تعد صالحة في الوقت الحاضر لمعالجة الموضوع الفلسطيني". ويعتبر أن المقاومة أصبحت هدفًا عند الجميع.

"مخزون استراتيجي لا ينضب"

بدوره، يؤكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد ضرورة وقف التدمير الوحشي لقطاع غزة، ويضيف بأنه لا بد من تهدئة كاملة في القدس وكل أحيائها.

ويلفت إلى أن الشرارة كانت من القدس، والقدس هي نقطة الجمع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وحتى المسيحي.

ويصف الأحمد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر بـ"المخزون الاستراتيجي الذي لا ينضب"، مشيرًا إلى أنهم لبوا نداء القدس وجاؤوا إليها قبل ليلة القدر. 

ويضيف: "90 ألف مواطن فلسطيني من عرب الداخل جاؤوا وانتصروا للقدس، وانفجرت بعد ذلك الاشتباكات في اللد والرملة والناصرة..".

ويوضح أن 50 جريحًا سقطوا في حي الشيخ جراح بالأمس، كما قُمع المتضامنون الأجانب وبينهم يهود، لافتًا إلى أن الحي أُغلق منذ ليلة أمس بالكامل". 

ويشير إلى أن "الوفد المصري جاء ليضعنا في أجواء ما سيتم بشأن الأقصى والقدس والشيخ جراح، وأبلغنا أن ما تم حتى الآن هو هدنة، وسيبدأ بعد أيام تثبيتها". ويضيف: "لا تثبيت للهدنة إلا في كافة المناطق: الضفة وغزة والقدس أولًا، فالجميع انتفض من أجلها".

ويشير إلى "انتصار الفلسطينيين على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وصفقة القرن، التي ذهبت معه بجهد خارق قامت به القيادة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني". 

"هبّة شعبية متدحرجة"

من ناحيته، يقول الباحث المتخصص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إن ما حدث كان بمثابة هبة شعبية متدحرجة، انطلقت من القدس وانتقلت إلى غزة فالضفة الغربية فالداخل، وانتهت إلى ما انتهت إليه". 

ويرى أن الأمر الأساسي الذي ينبغي أن تتسبب به هذه الهبّة هو أن تحدث انتفاضة وعي لدى الكل الفلسطيني بشأن المرحلة المقبلة. ويضيف: "كيف ستترجم انتفاضة الوعي إلى مشروع وطني ومشروع سياسي، يبقى ذاك سؤالًا مطروحًا ربما على المستقبل المنظور".

ويردف: "لدي كل الثقة بأن كل من شارك في هذه الهبّة المتدحرجة لديه ما يكفي من الاقتراحات التي يمكن أن يدلي بها بسياق النقاش حول المشروع السياسي والمشروع الوطني، الذي يمكن أن يُطرح للفترة المقبلة".

وبشأن فلسطينيي الداخل، يعتبر "أنهم بالفعل مخزون استراتيجي، وهذه الهبة أدت أيضًا إلى انتفاضة وعي في داخلهم بأنهم جزء من قضية فلسطين، وأنه لو لم تكن قضية فلسطين لما كانت هناك قضية تسمى بحسب الأدبيات الإسرائيلية أقلية عربية في إسرائيل".

ويرى أن "الحديث عن حل الدولتين في ظل كل الممارسات الإسرائيلية المدعومة أميركيًا لم يعد الآن سوى حديث أجوف"، مشيرًا إلى أنه "من داخل إسرائيل لن يتم العثور على قوة سياسية ـ باستثناء ربما قوة سياسية إسرائيلية في الهامش ـ تتحدث عن حل الدولتين".

ويعرب عن اعتقاده بأن "القضية الأساسية التي يجب أن تكون مطروحة هي ترتيب البيت الفلسطيني من أجل التمسك بالمشروع الوطني الفلسطيني والبحث عن مشروع سياسي يستثمر إنجازات هذه الهبة".

المصادر:
العربي
شارك القصة