يعد الطب أحد أكثر التخصصات العلمية تعقيدًا وصعوبة، وهو في ذاته علم تتفرع عنه تخصصات مختلفة، فتجد طبيبًا متخصصًا في العيون وآخر في الجراحة وغيرها، وهو طريق طويل يمضي الناس فيه أعمارًا.
ويوازي هذا العلم المعقد ما يسميه بعضهم الطب البديل، وكثير من العاملين به لا يملكون مؤهلات أكاديمية أو علمية تسمح لهم بالتعامل مع المرضى في إطار علاجي.
محمود البحراوي "طبيب يعالج كل شيء"
ومحمود البحراوي هو أحد أشهر هؤلاء المعروفين بتقديم خدمات الطب البديل في محافظة الغربية في مصر، ولديه شهرة كبيرة وتقول إعلاناته إنه يعالج كلّ شيء، من الأمراض الباطنية والعظام إلى النظر والسمع وتساقط الشعر وتقصف الأظافر وتصلُب الشرايين وحتى الأمراض النفسية.
وذهب البحراوي للتعهد بإنهاء وجود النظارات الطبية من العالم، فلن يحتاجَ إليها أحدٌ بعد علاجاتِه، حسب زعمه.
وقد تجاوزت شعبية محمود البحراوي مصر، فلديه خلطة سحرية في الدعاية، يركز فيها على قدرته السريعة على معالجة الآلام دون أعراض جانبية تتسبب فيها الوصفات الطبية التي يكتبها الأطباء.
وينشر البحراوي صوره مع مشاهير المجتمع ووجهائه من ممثلين وفنانين ورجال دين وشخصيات عامة منها الفنانة القديرة سميحة أيوب والفنانة مديحة حمدي.
واللافت أن عملاءه من كل الفئات والمفاجأة الأكبر، أن منهم أطباء، ومن يدعي البحراوي أنهم أجانب يسافرون إلى مصر خصيصًا لزيارته والاستشفاء عنده.
فيديو أحال البحراوي للتحقيق
لكنّ الشهرة الزائدة قد تكون مضرة بقدر ما تكون نافعة، وهو ما لم يحسب حسابه البحراوي. فقد استدعي طبيب للتحقيق من نقابته في مصر بعدما ظهر في مقطع فيديو يدّعي شفاء زوجته على يد البحراوي.
وبعد ذلك، تقدمت مديرية الصحة ببلاغ للنيابة العامة تطلب فيه فتح تحقيق في الحادث، وهو ما تمّ فعلًا واعترف الطبيب أن المعالج البحراوي غرَّر به لتسجيل الفيديو.
ثم أمرت النيابة العامة بالقبض على البحراوي وحبسته 15 يومًا على ذمة التحقيق في اتهامه بممارسة مهنة الطب دون ترخيص.
"مهزلة" أثارت تفاعلًا على مواقع التواصل
وقد تفاعلت مواقع التواصل في مصر مع أخبار القبض على الرجل.
ويقول محمود رأفت وهو طبيب: "المسؤول الأول عن هذه المهزلة هي الأجهزة، فالرجل يعمل منذ سنوات وشهرته تجاوزت مصر ومع ذلك هو متروك حتى كُشف الأمر عن طريق الصدفة من خلال نقابة الأطباء، ونفس السلطات هي التي تترك الأطباء الحقيقيين الذين تعبوا سنوات للمرضى والبلطجية يعتدون عليهم في المستشفيات".
أمّا منة فتقول: "أنا أستغرب كيف يصدق الناس هذه النوعيات والمشكلة الأكبر أن بينهم فنانون ووجهاء مجتمع، يعني من المفترض أنهم مثقفون لا تنطلي عليهم مثل هذه الدعايات".
أما محمد فيقول إن الناس تلجأ إلى هذا النوع من المعالجين ليس كفرًا بالطب الحديث وإنما يأسًا من الشفاء من خلاله، فهي محاولة من بعضهم للاستشفاء من الآلام بأي شكل حتى وإن كان غير مقتنع به لكنه يحاول لعله يشفى.
وتقول أمينة: "يجب أن يخضع هذا الشخص لمحاكمة مشددة إذ إنه يستهتر بأرواح الناس. لا يمكن أن يتم التعامل مع ما قام به على أنه مجرد احتيال".
وبعد القبض على البحراوي تلقت النيابة العامة 15 بلاغًا يقول مقدموها إنهم تضرّروا من وصفات البحراوي وعلاجاته في السنوات الماضية.
