في عام 1985، أعلنت منظمة دينية مسلحة في لبنان عن نفسها، وحملت اسم حزب الله، وتحولت في ما بعد إلى رقم هام في المعادلة العسكرية والسياسية، متحصنة بشرعية مقاومة المحتل الإسرائيلي.
في مايو/ أيار 2000، انسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وأعلنت إسرائيل عن إنهاء احتلالها وفق قرار مجلس الأمن 425.
إلا أن السلطات اللبنانية اعتبرته يومها انسحابًا جزئيًا، بالإشارة إلى مزارع شبعا المتنازع عليها، مع استمرار إسرائيل في احتجاز أسرى لبنانيين في حينه.
حرب يوليو 2006
في صباح 12 يوليو/ تموز 2006، هاجم مقاتلو حزب الله قافلة إسرائيلية على الحدود، وقتلوا 3 جنود وأسروا آخرين لاستبدالهم بالأسرى اللبنانيين لدى تل أبيب.
جاء الرد الإسرائيلي بعملية عسكرية تطورت إلى حرب موسعة، كان مخططًا لها وفق محللين سواء حصلت عملية الأسر أم لا.
استمرت الحرب 33 يومًا، إلى أن أصدر مجلس الأمن الدولي في 12 أغسطس/ آب 2006 القرار 1701، الذي أرسى وقف إطلاق النار ووسع من صلاحيات قوات حفظ السلام الدولية اليونيفيل، ونصّ على عدم وجود سلاح جنوبي نهر الليطاني إلا للقوات المسلحة اللبنانية الرسمية.
وكان للحرب تداعياتها الكبرى داخل لبنان، وكذلك على الوضع السياسي والأمني داخل إسرائيل، حيث خلصت لجنة فينوغراد الإسرائيلية في التحقيق إلى أن حرب لبنان شكّلت إخفاقًا كبيرًا وخطيرًا لإسرائيل.
لعب دور الشاهد والمؤرخ
في هذا السياق، يروي الوزير السابق طارق متري والذي كان يحمل منصب وزير الخارجية بالإنابة إبّان حرب تموز، وترأس الفريق اللبناني المفاوض في الأمم المتحدة تفاصيل المفاوضات التي أوصلت إلى وقف إطلاق النار.
ويشير متري، في حديثه ضمن برنامج "قراءة ثانية" على "العربي"، إلى وجود سرديات كثيرة حول الحرب والوصول إلى القرار 1701، معتبرًا أن التناقضات السياسية في لبنان أثرت على طريقة معرفة الحقيقة.
ويقول متري في حديثه من بيروت: حاولت في كتابي "حرب إسرائيل على لبنان 2006" أن ألعب دور الشاهد والمؤرخ في آن معًا، رغم صعوبة هذا الأمر.
عوامل إنهاء الحرب
ويلفت الوزير اللبناني السابق إلى أن "أسباب متعددة تضافرت للوصول إلى إصدار قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، أولها إخفاق إسرائيل بتحقيق أهدافها بفضل المقاومة العسكرية".
ثانيًا، وفق متري، أدى غياب الوضوح بالنسبة لأهداف الحرب الإسرائيلية إلى تراجع بعض حلفاء تل أبيب عن دعم فكرة الحرب، ويقول: "الكثير من الدبلوماسيين الأميركيين قالوا خلال المفاوضات إن أهداف إسرائيل لم تعد واضحة بالنسبة لحلفائها".
ويضيف: "إضافة إلى هذين العاملين، يوجد الجهد الدبلوماسي الذي لعب دورًا أساسيًا في إنهاء الحرب، فالسياسة والدبلوماسية هي محاولة للتعامل مع الواقع الميداني، واستنباط مخارج واقتراح أفكار بعيدًا عن الميدان".
ويشير إلى "أننا انطلقنا في العمل الدبلوماسي من فكرة أن لبنان معتدًا عليه من قبل إسرائيل"، لافتًا إلى أن "دول العالم كانت تعتبر في البداية أن لبنان اعتدى على إسرائيل".
إلحاق الهزيمة بحزب الله
وإذا يعتبر متري أن "علاقات القوى الميدانية هي العنصر الحاسم في الحروب"، يشدد على أن "السياسة ليست مجرد مرآة تنعكس فيها علاقات هذه القوى".
ويؤكد على أن "الدبلوماسية هي محاولة لتغيير ميزان القوة، الذي لا يُعتبر محكومًا بالميدان فقط".
ويقول: "كنا أصحاب مصلحة بوقف إطلاق النار سريعًا، بقطع النظر عما يتحقق في الميدان، فإسرائيل كانت تلحق الأذى بجميع اللبنانيين وتدمّر المنشآت الحيوية اللبنانية".
وعن الموقف الأميركي، يوضح الوزير السابق أن "أميركا لم تكن تريد إنهاء الحرب بسرعة، بل كانت تبحث عن حل أكثر استدامة، إضافة لإلحاق هزيمة كبيرة بحزب الله".
حشد دولي
لذا، حسب متري، لم يكن أمام لبنان إلا أن يقول للعالم أن "المواطنين هم ضحية الحرب، بغض النظر عن الأسباب التي أدت لاندلاعها".
ويقول: "بدأنا نحشد الرأي العام وأعضاء مجلس الأمن حول هذه الفكرة، لإيقاف حمام الدم في لبنان".
ويضيف: "أغلب دول مجلس الأمن أيدت وقف إطلاق النار الفوري، رغم المعارضة الأميركية في البداية".
لمعرفة المزيد عن خبايا مفاوضات وقف إطلاق النار في حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، شاهدوا المقابلة الكاملة المرفقة مع الوزير السابق طارق متري.