لم ترُق نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2020، للرئيس السابق والمرشح في حينه لولاية ثانية في البيت الأبيض دونالد ترمب.
بنبرة عالية، قال الرجل في السادس من يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، عندما اعتلى منصة مرتفعة بين الحشود، على بعد كيلومترين اثنين من مبنى الكونغرس الذي اجتمع فيه نواب الأمة الأميركية للمصادقة على فوز منافسه جو بايدن، "إننا لن نشعر بالترهيب ولن نقبل بالأكاذيب، ولدينا براهين هائلة على تزييف الانتخابات".
حماسة من كانوا يستمعون لخطابه، ومنهم اليمينيون المتشدّدون وأتباع نظرية المؤامرة والمؤمنون بتفوّق العرق الأبيض، حملتهم جموعًا إلى مبنى الكونغرس، بعد أن كان ترمب قد دعاهم إلى الزحف باتجاهه وتشجيع "الشجعان" من رجال ونساء الكونغرس على رفض تثبيت انتصار بايدن.
ما تبع الخطاب شكّل علامة فارقة في التاريخ الأميركي الحديث، مع ما شهده من اقتحام لمبنى مجلس النواب الأميركي وسط فوضى تسبّبت بمقتل خمسة أشخاص، الأمر الذي عُدّ اعتداء على أهم معالم الديمقراطية الأميركية.
هل كانت تلك أحداث العنف الوحيدة التي شهدها المبنى، الذي شُيّد على تلة باسم "كابيتول هيل" في العاصمة واشنطن؟
واقع الأحداث ينفي ذلك، وفي التالي ما شهده مبنى الكابيتول من اعتداءات:
حريق على يد البريطانيين
تحت توصيف هجمات عام 1814، يشير الموقع المتخصص بعمارة الكابيتول، إلى أن الأخير احترق إثر هجوم من قبل القوات البريطانية في 24 أغسطس/ آب 1814 خلال حرب 1812.
يومها أضرم البريطانيون النار في أجزاء كبيرة من مدينة واشنطن، بما فيها البيت الأبيض وغرف رئيسية بمبنى الكابيتول الذي كان قيد الإنشاء فلحقت به أضرار شديدة.
وبحسب الموقع، فإن الهجوم جاء ردًا على حرق الأميركيين للعاصمة الكندية يورك (تورونتو) في أبريل 1813.
وبينما لم تواجه القوات البريطانية مقاومة تذكر أثناء الغارة، فرّ معظم سكان المدينة. ومن بقي منهم كان شاهدًا على مشهد مرعب.
هجوم من البورتوريكيين
إلى ذلك، شهد مبنى الكابيتول هجومًا من قبل "القوميين" البورتوريكيين عام 1954، للمطالبة باستقلال بلادهم.
وينقل موقع "سي إن إن" عن صامويل هوليدي، مدير المنح الدراسية والعمليات في جمعية الكابيتول التاريخية الأميركية، إشارته إلى قيام القوميين البورتوريكيين بتهريب أسلحة إلى المبنى وإطلاق النار داخله.
كان ذلك مطلع مارس/ آذار 1954. حينها اجتمع النواب لإجراء عملية تصويت، فيما جلس في مقاعد رواق الزوار فوق القاعة ثلاثة رجال وامرأة من أعضاء الحزب القومي البورتوريكي كانوا قد قدموا من مدينة نيويورك إلى واشنطن.
ويشير موقع مجلس النواب الأميركي للتاريخ والأرشيف إلى أن الأربعة رفعوا علم بورتوريكو بعد أن أطلقوا النار وأصابوا عددًا من النواب بجروح.
اقتحام مسلح
في العام 1998، اقتحم مسلح "لديه تاريخ من المرض العقلي" نقطة تفتيش عند الكونغرس، بحسب ما يورد موقع مجلس النواب الأميركي الإلكتروني.
وبتبادل لإطلاق النار مع الضابط جاكوب ج. تشستنوت، أصيب الأخير بطلقات قاتلة، فيما تمكن عناصر الشرطة الآخرين من الإمساك بالمهاجم.
ووفق ما أوردته "سي إن إن"، وصف ضباط الشرطة المهاجم بأنه "شخص غير مستقر"، كاشفين أنه وجّه تهديدات ضد البنتاغون. وقد حكم قاض فدرالي بأنه غير مؤهل للمحاكمة.
دهس وسكين
بعد نحو ثلاثة أشهر من هجوم أنصار ترمب على الكونغرس، أُغلق المبنى التشريعي في العاصمة الأميركية واشنطن بعد إصابة عنصر أمن أميركي ومقتل آخر بحادث دهس نفذه شخص يدعى نوح غرين (25 عامًا).
يومها قاد نوح سيارته باتجاه أحد حواجز مبنى الكونغرس، وبعد أن اصطدم به اندفع - وفق الشرطة - باتجاه أحد الضباط شاهرًا سكينًا.
وأُردي المهاجم بعد أن فتح ضباط الشرطة النار عليه.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، عن شقيق المهاجم، بريندان أن نوح كان رياضيًا، هادئًا ومرِحًا، لكن تصرّفاته الأخيرة (قبل الهجوم) أثارت قلق العائلة، مضيفًا أن شقيقه بدا وكأنه ينهار عقليًا في السنوات العديدة الماضية: "أخبرني أنه يعاني من هلوسة وخفقان في القلب وصداع وأفكار انتحارية، وأن زملاءه في السكن دفعوه إلى الإدمان على المهدئات".
ووفقًا لشبكة "سي إن إن"، فإن حالة "البارانويا" التي يُعاني منها نوح غرين دفعته للاعتقاد بأن "الحكومة الفيدرالية كانت تستهدفه بالسيطرة على عقله".