يواجه معظم المواطنين في بريطانيا سؤال الاختيار بين الحزبين المهيمنين في البلاد، حزب العمال وحزب المحافظين.
فتاريخيًا، مثل هذان الحزبان وجهات نظر أيديولوجية وأجندات سياسية متمايزة. ويطرح الناخبون سؤالًا يبدو ضروريًا: هل بقيت هناك فروق جوهرية بين الحزبين؟
ورغم كلمة المتحدة التي لا تفارق اسمها إلا أن المملكة البريطانية منقسمة بشدة، فكير ستارمر، ومذ تزعم حزب العمال قلم مبكرًا جناح الحزب الاشتراكي، إذ حاز بفضل ذلك لقب الوسطي مدحًا تارة، وذمًا تارة أخرى.
أما رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فقد فعل العكس، إذ استمال صقور المحافظين إليه، واُتهم بالتطرف، لكنه لم يجد حرجًا كبيرًا في التهمة.
هل ما يزال حزب المحافظين في يمين الوسط؟
وفي حديث للتلفزيون العربي، قال أستاذ الدراسات السياسية والفلسطينية في جامعة إكستر غابريال بولي: "لا تزال هناك أجنحة وأيديولوجيات مختلفة في حزب المحافظين، وهناك جناح وسطي وأجنحة أقرب للتاتشرية، لكن بالتأكيد حزب المحافظين، في رحلة سريعة من موقعه الأكثر تقليدية في يمين الوسط إلى مواقع أكثر يمينية".
وليس عبثًا أن يحتل البنك المركزي قلب لندن، فالأرقام صوتها أعلى من الأفعال، ففي الجوهر، يلتزم الحزبان المتنافسان بذات الأهداف الاقتصادية، وهي إعادة الحياة للخدمات العامة التي تحتضر، لكن التباين يكمن في طريقة التنفيذ.
فالضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى هي ما سيمول أجندة الأعمال الواعدة، أما المحافظون فدعم الاستثمارات والتخفيضات الضريبية المغرية للمتقاعدين هي كلمة سرهم.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن إبراهيم حلاوي: "لقد وصلنا إلى النقطة التي يكون فيها الخطاب وليس فقط سياسات الحزبين متشابهة للغاية في قضايا كثيرة مثل الهجرة والأعمال، وهذا التشابه نراه في العديد من القضايا مثل ضريبة الهجرة والأعمال وحتى السياسة الخارجية".
وأضاف: "بالتالي ما بقي للعمال من إرث اشتراكي هو فقط اقتراحات اقتصادية خجولة تتعلق بتأميم قطاع النقل".
ووفق الاستطلاعات يعتقد 40% من الناخبين أن الحزبين متشابهان، فهي نسبة ليست قليلة، مردها البراغماتية ستارمر بمواجهة هوس سوناك باستمالة اليمين المتطرف.
ويشترك الحزبان في الخطوط العريضة، دعم إسرائيل في حربها على غزة، وتلك قضية تثير جلبة كبرى في الشارع البريطاني، لكن واقعيًا لا أحد يعلم بعد مدى تأثيرها على توجهات الناخبين، فالضغط الاقتصادي حاد وله أولوية، وهناك أحزاب أصغر تنشط في الساحة السياسية، قد لا تتمكن من انتزاع أغلبية برلمانية لكنها قد تحرم آخرين منها.