أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، أنّه سيضطر إلى تقديم حصص غذائية مخفضة لثمانية ملايين شخص في اليمن ابتداء من الشهر المقبل بسبب نقص التمويل، بينما يواجه البلد الفقير الغارق في الحرب خطر مجاعة كبرى.
وحذّر البرنامج في بيان من "نفاد الأموال" لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية التي يمنحها لـ13 مليون شخص، مضيفًا أنه "اعتبارًا من شهر يناير/ كانون الثاني، سيحصل ثمانية ملايين شخص على حصص غذائية مخفضة، بينما الخمسة ملايين شخص المعرضين لخطر الانزلاق في ظروف شبيهة بالمجاعة، سيظلون يحصلون على حصص كاملة".
وقال: "ستحصل الأسر بالكاد على نصف الحد الأدنى اليومي من الحصص الغذائية" الشهر المقبل، محذرًا من أنه "إذا لم يتوفر تمويل جديد" فقد يؤدي ذلك "إلى حرمان الناس من برامج المساعدات الغذائية تمامًا".
"خطر المجاعة"
ويشهد اليمن منذ منتصف 2014 نزاعًا على السلطة بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وتسبّبت الحرب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة حيث يواجه ملايين الأشخاص خطر المجاعة في بلد يعتمد فيه 80 بالمئة من السكان وعددهم نحو 30 مليونًا على المساعدات، إلى جانب مقتل مئات آلاف الأشخاص ونزوح ملايين السكان عن منازلهم نحو مخيمات مؤقتة.
وقالت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كورين فليشر: "في كل مرة نقوم فيها بتقليل كمية الغذاء، نعلم أن المزيد من الأشخاص الذين يعانون بالفعل من الجوع وانعدام الأمن الغذائي سينضمون إلى صفوف الملايين المعرضين للتضور جوعًا".
وأضافت: "لكن الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير صعبة، فمع محدودية الموارد المتاحة، يتعين علينا إعطاء الأولوية لأولئك الذين هم في أشد الحالات خطورة".
ويحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 813 مليون دولار لمواصلة مساعدة الفئات الأكثر ضعفًا في اليمن حتى شهر مايو/ أيار. وفي كامل عام 2022، سيحتاج البرنامج إلى 1,97 مليار دولار لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية الحيوية للأسر التي تواجه المجاعة.
"حكم بالإعدام"
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في آذار/ مارس الماضي، من "حكم بالإعدام" على اليمنيين بعدما جمع مؤتمر للمانحين الدوليين أقل من نصف ما يحتاجه هذا البلد الغارق في الحرب لتجنّب حدوث مجاعة.
وكانت المنظمة الأممية ناشدت الدول المانحة للتبرع بسخاء لجمع مبلغ 3,85 مليارات دولار لتمويل عمليات الإغاثة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، لكنّ مجموع التعهدات بلغ في النهاية نحو 1,7 مليار دولار.
وقال الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريش في بيان: "يحتاج ملايين الأطفال والنساء والرجال اليمنيين بشدّة إلى المساعدات للبقاء على قيد الحياة. قطع المساعدات هو حكم بالإعدام".
وشكّلت التعهدات تراجعًا عن العام الماضي حين بلغ مجموع المساعدات التي تلقّتها الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية العاملة في اليمن 1,9 مليار دولار في ظل أزمة فيروس كورونا، وأقل بنحو مليار عن عام 2019.
ويأتي قرار برنامج الأغذية بتقليل المساعدات في وقت لا تزال المعارك تدور في عدة مناطق يمنية، وخصوصًا في محيط مدينة مأرب في الشمال.
مطار صنعاء
كذلك، جاء غداة توقّف مطار صنعاء عن استقبال طائرات المنظمات الإغاثية وبينها تلك التابعة للأمم المتحدة اثر تعرّضه لضربات جوية شنّها التحالف بقيادة السعودية، على ما أفاد مسؤول في المطار الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين الثلاثاء.
ويُعتبر المطار الذي يتحكّم التحالف بأجوائه وبحركة الإقلاع منه والهبوط فيه، ممّرًا رئيسيًا للمساعدات.
وقالت فليشر: "لقد أصبح الشعب اليمني الآن أشد احتياجًا من أي وقت مضى، بسبب معاناته من النزاع المستمر والأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي دفعت الملايين إلى الفقر المدقع".
وأشارت إلى أنّ "مخزون الغذاء لدى برنامج الأغذية العالمي في اليمن ينخفض بشكل خطير في الوقت الذي أُرهقت فيه ميزانيات الأزمات الإنسانية حول العالم إلى أقصى حد".
وتابعت: "نحن بحاجة ماسة إلى الجهات المانحة التي كانت دومًا -ولا زالت- سخية للغاية، للعمل معنا من أجل تفادي وقوع كارثة غذائية تلوح في الأفق".