عام 1936 إبان الثورة الفلسطينية، استخدم الشباب الكوفية بكثرة لتمويه قوات الانتداب البريطاني وتضليلها، ولتأمين انسحاب الثوار آمنين.
واليوم يكرر شباب مخيم شعفاط شرقي القدس المبدأ نفسه بحلاقة الشعر على "الصفر"، بعد إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي أن منفذ عملية شعفاط أصلع الرأس عند حاجز المخيم قبل أسبوع.
ومع أنّ الشباب الذين حلقوا شعر رؤوسهم لم يعلنوا دوافعهم، إلا أنّ حسابات إسرائيلية أرجعت سبب ذلك إلى رغبة أهل المخيم في حماية منفذ العملية.
"قاوم ولو بصلعتك"
ترافق ذلك مع انتشار شعار "قاوم ولو بصلعتك" على مواقع التواصل الاجتماعي، تضامنًا مع منفذ العملية التي أسفرت عن مقتل مجندة إسرائيلية.
وأدّى هذا التضامن الواسع في إطار عملية التمويه، إلى تعقيد عمليات بحث إسرائيل عن منفذ العملية، وهو ما أربك الأوساط العسكرية والإعلامية الإسرائيلية.
ووصل حجم التفاعل مع عملية التمويه إلى نحو 2.5 مليون تفاعل، إضافة إلى 622 ألف تعليق، فضلًا عن 324 ألف مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما في ساعة الذروة، فقد بلغت نسبة التفاعل نحو 1.5 مليون بين مشاركة وتعليق.
حلاقة "الصلعة".. مبادرة شبان فلسطينيين في مخيم #شعفاط لتضليل قوات الاحتلال الإسرائيلي#شبابيك #فلسطين pic.twitter.com/1jDzrQCEz6
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 16, 2022
رسالة أهالي القدس والعجز الإسرائيلي
ويعتبر الناشط الفلسطيني حسن علقم أنّ مبادرة "قاوم ولو بصلعتك" انتشرت وتمّ تداولها بشكل واسع، حتى إنّها غطّت مدينة القدس بشكل عام، مشيرًا إلى أنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت هذا الأمر وخاضت كثيرًا في محاولة الفلسطينيين تضليل جهاز التحقيق الإسرائيلي وتصعيب المهمة عليه.
ويشير علقم في حديث لـ"العربي"، من القدس، إلى أن "الشبان الفلسطينيين قاموا كذلك بتداول اسم منفذ العملية عدي التميمي، بكثرة للتغطية على اسمه، ولا سيما أنه ما يزال منذ أسبوع مختفيًا في مساحة لا تزيد عن 2 كيلو متر مربع"، بعدما درجت العادة على توقيف منفذي العمليات في الضفة خلال ساعات فقط.
ويلفت إلى أنّ حلاقة الشعر هي أداة من الأدوات التي استخدمها أهالي المخيم لإضافة عنصر التعقيد والتمويه على قوات الاحتلال لمنعها من تعقب منفذ عملية حاجز شعفاط.
ويعرب الناشط الفلسطيني عن اعتقاده بأنّ الرأي العام الإسرائيلي في تخبّط إزاء رد الفعل الفلسطيني التضامني مع منفذ عملية شعفاط، مشيرًا إلى أنّ الرسالة التي وجّهها أهالي القدس وأهالي مخيم شعفاط واضحة للجميع، ومفادها أنه لا يمكن الاستفراد في منطقة معينة أو في شخص معين.
ويخلص إلى أنّ المؤسسة الإسرائيلية اليوم عاجزة عن الرد على الأحداث التي حصلت في مخيم شعفاط، والعصيان المدني الذي نفذه الأهالي، مشدّدًا على أن دائرة التضامن تتّسع كلّ ساعة، وبالتالي فإنّ الاحتلال لن يكون قادرًا على إيقاف كل من حلقوا شعر رؤوسهم على الصفر، والذي بات بالمئات الآن.