خلافات سياسية تعصف بإسرائيل.. هل تنعكس على مسار الحرب على غزة؟
تتصاعد المظاهرات الإسرائيلية المناهضة لحكومة بنيامين نتنياهو في تل أبيب ومدن أخرى، يتقدمها كبار السياسيين المستقيلين من حكومة الحرب، مطالبة بإبرام صفقة تبادل لاستعادة الأسرى في قطاع غزة.
ولم يكتف الجمهور المحتج بإطلاق الهتافات المناهضة لسياسة نتنياهو، بل أقدم على إغلاق الطرق الحيوية وأحرق الإطارات، مطالبًا بإقالة الحكومة وإبرام صفقة مع حماس في ظل انتكاسة جديدة حلَّت بمسار التفاوض.
وقال مصدر في فريق التفاوض لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "إنّه من المهم عقد صفقة لإعادة المحتجزين".
نتنياهو يهاجم غانتس وآيزنكوت
وفي مؤشر على تنامي حدة الخلافات السياسية، هاجم نتنياهو كلًا من الوزيرين المستقيلين من مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت خلال جلسة الحكومة، واتهمهما بالبحث عن الهزيمة.
كما بادر نتنياهو إلى مهاجمة وزير الأمن يوآف غالانت، بعدما أعلن جيش الاحتلال وقفًا مؤقتًا للعمليات العسكرية لأغراض إنسانية، كما سماها، وهو ما لم يعجب نتنياهو، إذ قال سكرتيره الرسمي إن قرار وقف العمليات في رفح غير مقبول.
قرار مفاجئ
وكان قرار جيش الاحتلال بوقف القتال ساعات محددة مفاجئًا، وهي سياسة لم يعلن عنها سابقًا، وتأتي مع إعلان جيش الاحتلال ارتفاع عدد جنوده القتلى في القطاع إلى 12 جنديًا خلال 24 ساعة، نتيجة العمليات المستمرة للمقاومة الفلسطينية.
وتفيد بيانات جيش الاحتلال بأن ما لا يقل عن 19 جنديًا إسرائيليًا قُتلوا وأكثر من 70 آخرين أُصيبوا في جبهتَي قطاع غزة وجنوب لبنان منذ بداية يونيو/ حزيران الجاري.
خلاف على إدارة الحرب
تعليقًا على المشهد، يشير الخبير بالشأن الإسرائيلي جاكي خوري إلى أن الخلاف في إسرائيل ليس بالأمر الجديد.
ويلفت إلى أن "المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تحاول إيصال رسائل عديدة من خلال جنرالات الجيش أو عبر بيانات تصدر عن وزير الأمن يوآف غالانت أو سياسيين آخرين، أو من خلال التسريبات التي تصل لوسائل الإعلام الإسرائيلية.
وفي حديثه مع "العربي" من حيفا، يقول خوري: من الواضح أننا دخلنا الآن في مرحلة حساسة بمعنى أن الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته، لكنه يرى أنه في مرحلة ما يحتاج إلى ترجمة سياسية لإنجازاته.
ويعتبر أن الخلاف في إسرائيل ليس على الحرب وإنما على إدارتها، مشيرًا إلى شعور عام لدى المؤسسة الأمنية بأن من يديرون الحرب الآن ليسوا أكفاء بعد خروج غانتس وآيزنكوت، ولن يستطيع نتنياهو ومن معه إدارة المعركة وتحديد الخطوة القادمة.
تردد في الموقف الأميركي
وبشأن الموقف الأميركي، يرى الدبلوماسي السابق باتريك ثيوس أن هناك "نقص في تركيز الحكومة الأميركية" حاليًا، حيث تجد نفسها محتجزة سياسيًا بين تيارات عدة منها اللوبي التقليدي الداعم لإسرائيل وبين جزء من قاعدة الحزب الديمقراطي، التي تعارض ما يحدث في غزة وتطلب من الحكومة الاميركية إيقافه.
وفي حديث إلى "العربي" من واشنطن، يلفت ثيوس إلى أن تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي يلقي باللوم على حماس في عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار "غير دقيق"، لكنه يعكس الواقع محليًا فليس بإمكانه أن يهاجم الحكومة الإسرائيلة على الملأ.
كما يستبعد ثيوس صدور أي رد فعل متسق في الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، في ظل وجهات نظر متباينة بين من يدعمون نتنياهو ولا يريدون له أن يسجن وبين من يريدون امتداد الحرب إلى لبنان وبين من يخشونها، لكنه يرى أن "واشنطن تريد وقف الحرب بأسرع وقت".
لعبة داخلية
وبشأن الهدنة التكتيكية التي أُعلنت اليوم في قطاع غزة، يؤكد الباحث السياسي إياد القرا أن هذا الإعلان لم يحدث أي تغيير حقيقي في الميدان في القطاع، حيث لم تتوقف الهجمات على منطقة رفح بما في ذلك منطقة مواصي رفح التي أعلن جيش الاحتلال أنها منطقة آمنة.
وفي حديث إلى "العربي" من دير البلح، يشير القرا إلى أنه لم يتم إدخال أي مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، فيما عادت المجاعة إلى القطاع وبشكل خاص إلى مناطق الشمال. كذلك لم تدخل أي بضائع إلى القطاع منذ بدء العملية على رفح.
ويؤكد القرا أنه لا يمكن الوثوق بصدقية أي إعلان إسرائيلي، مرجحًا أن يكون هذا الإعلان لعبة إسرائيلية داخلية تتعلق بالخلافات بين المستويين السياسي والعسكري.
كما يرجّح أن يكون الإعلان عن هدنة تكتيكية جاء لحرف الأنظار عن عملية تفجير المدرعة الإسرائيلية "النمر" في رفح، والتي أدت لمقتل ثمانية جنود يوم السبت.