رغم الدعوات إلى هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار، يواصل الاحتلال الإسرائيلي مجازره في قطاع غزة غير آبه بحياة الفلسطينيين الآمنين في المستشفيات أو المدارس أو الذين نزحوا إلى مناطق أخرى، حيث قصفت قواته اليوم السبت مدرسة تابعة للأونروا تؤوي آلاف النازحين في مخيم جباليا، ما أسفر عن استشهاد 15 شخصًا على الأقل، وإصابة عشرات آخرين.
ورغم الإدانات والمواقف المنددة بالهجمات على القطاع الصحي، استهدف الاحتلال بوابة مستشفى "النصر" للأطفال بمدينة غزة، ما أسفر عن شهيدين وإصابة آخرين.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم يتوقف الاحتلال عن عدوانه على غزة، الذي أسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف، بالإضافة إلى تدمير واسع بالبنية التحتية للقطاع المحاصر.
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي
وفيما يدخل العدوان يومه الـ29، ارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 9500 شهيد بينهم 3900 طفل، و2509 سيدات، حسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة.
كما أدت الغارات الإسرائيلية إلى تدمير 55 مسجدًا، و3 جامعات، و3 كنائس، و5 مبان تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، بالإضافة إلى تضرر 16 مستشفى، و32 مركز رعاية أولية، و27 سيارة إسعاف، بالإضافة إلى 105 مؤسسات طبية.
وتسببت الغارات الإسرائيلية، أيضًا بتدمير 8500 منزل و40 ألف وحدة سكنية، وتضرر 220 ألف وحدة أخرى، بالإضافة إلى تضرر 88 مقرا حكوميًا، و220 مدرسة، 60 منها خرجت عن الخدمة، وفقًا للمكتب الإعلام.
وفي مقابل العدوان الإسرائيلي على القطاع، تواصل "كتائب القسام" معركتها ضد الاحتلال، إذ أعلن الناطق باسمها أبو عبيدة توثيق تدمير 24 آلية عسكرية للاحتلال الإسرائيلي ما بين دبابة وجرافة وناقلة جند، بمختلف الأسلحة من قذائف الياسين وعبوات العمل الفدائي خلال الـ24 ساعة الماضية.
وشدد على أن "المجاهدين يواصلون الالتفاف خلف القوات الغازية والاشتباك من نقطة الصفر، كما يواصل سلاح القنص في القسام استهداف كل من يعتلون المباني أو من يتجرأ أن يرفع رأسه من فوق دبابته".
كما أعلنت كتائب القسام أنها قتلت 5 جنود إسرائيليين وأصابت آخرين، في اشتباكات شمال غرب مدينة غزة.
من جانبه، أعلن متحدث الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، السبت، مقتل 345 جنديًا منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم.
بلينكن يرفض وقفًا لإطلاق النار
وعلى الصعيد السياسي، وخلال لقائه نظيريه الأردني والمصري في العاصمة عمان، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده تدعم "هدنات إنسانية" في العدوان الإسرائيلي على غزة، لكنه عبر عن رفضه الدعوات إلى "وقف إطلاق النار" من جانب الدول العربية.
فيما دعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى "إنهاء الحرب" في غزة، ووصفها بأنها "جريمة حرب" ترتكبها إسرائيل، مشيرًا إلى أن هذه الأخيرة قتلت في غزة أطفالًا بشكل يفوق أي نزاع وقع منذ عام 2019.
أما وزير الخارجية المصري سامح شكري، فقد أعلن أن بلاده تدعم أي مبادرة لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، مطالبًا بفتح تحقيق دولي في جرائم الحرب المرتكبة في غزة.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن استمرار العدوان على قطاع غزة يعقد جهودها الرامية للتوسط في إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس.
وأضافت في بيان أن "الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية صرّح خلال اجتماع بالعاصمة الأردنية عمان مع بلينكن بأن تواصل القصف يضاعف من الكارثة الإنسانية في القطاع، ويعقد تأمين إطلاق سراح الأسرى".
وجددت الوزارة التأكيد على أن توسع الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة "يعتبر تصعيدًا خطيرًا في مسار المواجهات، وينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة".
كما شددت "على ضرورة تضافر الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح معبر رفح بشكل دائم لضمان تدفق قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية" إلى غزة.
المواقف الدولية
وعلى صعيد المواقف الدولية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "لم يعد شخصًا يمكننا التحدث معه بأي شكل من الأشكال"، فيما استدعت أنقرة سفيرها لدى إسرائيل للتشاور بسبب العدوان على قطاع غزة.
من ناحيته، شبّه وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل الهجمات الإسرائيلية المستمرة في غزة بـ "عملية تدمير على الطراز النازي".
وعبر حسابه على منصة "إكس" استنكر رئيس الكولومبي غوستافو بيترو الهجوم الإسرائيلي على مستشفى الشفاء في قطاع غزة، قائلًا: "جريمة حرب جديدة. لقد قلت للرئيس (الأميركي جو بايدن). إذا استمرت المذبحة وتم تدمير القانون الدولي في العالم، فستحل الهمجية مكان الديمقراطية، التي هي مشروع الإنسانية".
من جانبها، هددت جماعة الحوثي في اليمن بأن دائرة الصراع في المنطقة "ستتسع" طالما استمرت الولايات المتحدة في دعم إسرائيل لمواصلة "جرائم الإبادة" في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام، في تصريحات نشرتها قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين: "على وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يدرك أن دائرة الصراع سوف تتسع، طالما استمرت أميركا في منح إسرائيل الوقت لمواصلة جرائم الإبادة في غزة".
ودعا العرب إلى دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة "لتحقيق حقوقه المشروعة".
إلى ذلك، لم يهدأ الشارع عن تقديم دعمه لفلسطين، حيث شهدت باريس ومدن فرنسية اليوم السبت عدة مظاهرات داعية لإنهاء العدوان، حيث حمل خلالها المشاركون أعلامًا فلسطينية.
وفي السياق عينه، خرج الآلاف في تظاهرة حملت شعار "تحرير فلسطين وإنهاء الحرب في غزة"، وهي الأكبر في العاصمة الألمانية برلين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتجمع آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في لندن ومدن بريطانية أخرى، للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة في خضم القصف الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر.
كما نظم آلاف الأشخاص في العاصمة الإيطالية روما ومدينة ميلانو، السبت، مسيرتين كبيرتين تضامنًا مع سكان غزة في وجه استمرار الهجمات الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني.
كما نُظّم مئات المظاهرات في إيران دعمًا لفلسطين وتنديدًا بالولايات المتحدة وإسرائيل، تزامنًا مع إحياء طهران "يوم مقارعة الاستكبار العالمي" ككل عام في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني.