دوامات العمل الليلي.. تداعيات سلبية على الصحة ونصائح لتقليل المخاطر
تستوجب دورة العمل في عدد كبير من المؤسسات اعتماد دوام ليلي يحفظ وتيرة الإنتاج ويحافظ على انتظامها.
فرجال الشرطة والإطفاء، الأطباء والممرضون والصحافيون، يُضاف إليهم موظفو عدد من الخدمات بينها العملاء والطوارئ، يشغلون ورديات ليلية تبدأ مهامها عندما ينام الآخرون.
وإن كانت لنوبات العمل هذه فوائد تعود على المؤسسات والموظفين والزبائن في آن معًا، إلا أنها تترك آثارًا على عمال الفترة الليلية من بينها، على المدى القصير، التعب والإخفاق في تلقّي المعلومات والإشارات الاجتماعية بشكل كامل.
أما على المدى البعيد، فيحذر خبراء صحة من تداعيات سلبية تظهر على شكل أضرار صحية على غرار الإصابة بأمراض قلبية وسرطانية وداء السكري من النمط الثاني، متحدثين عن ضرورة تفادي هذه الورديات.
إيقاع الساعة البيولوجية
ويعزو العلماء هذه الانعكاسات السلبية إلى إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم البشري، وهو إيقاع مبرمج للعمل نهارًا حيث يكون جسم الانسان في أوج نشاطه وحركته وتركيزه، وللنوم ليلًا عند الاسترخاء والراحة.
ويشرح الدكتور مهند عليوي، وهو استشاري غدد صماء، أن من الهرمونات في جسم الإنسان ما يتأثر تبعًا للساعة البيولوجية، على غرار الميلاتونين الذي تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ ومهمته ترتيب عملية النوم واليقظة.
ويقول إن هذا الهرمون يُفرز في الظلام، غير أن تركيزه يخف عند العمل ليلًا في أماكن مضاءة، الأمر الذي ينعكس على توازن العامل.
وفيما ينبّه إلى أن ارتفاع هورمون الكورتيزول في أوقات متأخرة من الليل قد يؤثر على نشاط الجسم ويرفع ضغط الدم، يحذر أيضًا من أنه قد يرفع نسبة السكر في الدم، فتزيد تباعًا خطورة الإصابة بداء السكري على المدى البعيد.
إلى ذلك، يشير عليوي إلى أن هورمون الأردنالين الذي تفرزه الغدة الكظرية يضبط ضغط الدم وسرعة القلب، وقد يؤدي بقاؤه بمستويات مرتفعة عندما يعمل الإنسان ليلًا إلى اضطرابات في القلب وتجلطات نتيجة الضغط النفسي والكآبة، فضلًا عن خفض هرمون التستوسترون.
لتفادي هذه الأضرار النفسية والفيزيولوجية ينصح عليوي من يعملون ليلًا بالاسترخاء قدر الإمكان، وشرب الماء بشكل مستمر في محاولة لتلافي التجفاف الذي قد يرفع مستوى الهرمونات في الجسم.
الطعام نهارًا وبيئة ملائمة للنوم
يُنصح هؤلاء أيضًا بحصر مواعيد وجبات الطعام بساعات النهار. وهذا ما أظهرته دراسة انكبت العام الماضي على الإجابة على سؤال: هل بإمكان توقيت الوجبات أن يمنع الآثار السلبية للنوبة الليلية على سكر الدم؟
وبحسب الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة، أعد الدراسة فريق من الباحثين بقيادة الطبيبين: سارة شيلابا، التي تعمل حاليًا في جامعة كولونيا في ألمانيا، وفرانك أ. شير من كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى بريغهام والنساء في بوسطن.
وقد وجد الباحثون أن تناول الطعام ليلًا يزيد من مستويات الغلوكوز، وهو عامل خطر للإصابة بمرض السكري، وأن منع هذا التأثير يكون بحصر الوجبات بالنهار.
ورأوا أن التأثيرات على الغلوكوز يمكن تفسيرها من خلال "اختلال الساعة البيولوجية".
إلى ذلك، ينصح موقع "sleep.org" من يضطرون للنوم نهارًا بعد الانتهاء من وردية ليليلة بالمبيت في غرفة باردة ومظلمة باستخدام الستائر الداكنة أو قناع العينين.
ويشرح أن هذه الخطوات قد تساعد في خداع الجسم، فيعتقد أن الليل قد حل.
والموقع يعتبر أن بيئة هادئة للنوم يمكن تحضيرها من خلال غرفة نوم معتدلة الحرارة، وملابس النوم المفضلة والوسائد المريحة.