تبدأ إسرائيل صباح اليوم الثلاثاء، عملية تشغيل حقل "كاريش" للغاز الطبيعي في البحر المتوسط وربطه مع الشبكة الخاصة بتل أبيب، من دون أن يشمل ذلك عملية استخراج الغاز.
يأتي ذلك، بعد إعلان الرئيس اللبناني ميشال عون خلال لقائه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا أمس الإثنين أن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل باتت في مراحلها الأخيرة بما يضمن حقوق بلاده بالتنقيب عن الغاز والنفط.
وأوضح عون أنّ التواصل مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مستمر حول بعض التفاصيل التقنية بعملية الترسيم.
موعد قريب
وكانت إسرائيل قد أعلنت مساء الإثنين، أن إنتاج الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" في البحر المتوسط سيبدأ "في أقرب وقت ممكن"، معتبرة أنه لا علاقة له بالمفاوضات مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وتعليقًا على تلك التطورات، أكّد عضو المجلس السياسي للتيار الوطني الحر، المقرب من رئيس الجمهورية، وليد الأشقر أن لبنان قد يشهد قريبًا التوقيع على اتفاقية الترسيم، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر قد يكون خلال الشهر الجاري.
وأوضح في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أن نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب يزور واشنطن لمتابعة هذا الملف عن قرب في سبيل تسهيل ذلك.
وشدد الأشقر أنّ "لبنان لم يتنازل عن حقوقه في الترسيم، التي أضاف إليها حقل قانا البحري للغاز كاملاً مع شرط إضافي يتضمن وجود ضمانات دولية لعملية الاستخراج دون أن تمنع إسرائيل عن لبنان هذا الحق".
حسابات تل أبيب
وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد قالت في بيان عبر "تويتر" الإثنين: إن "إسرائيل تعتقد أنه من الممكن والضروري الوصول إلى اتفاق حول خط بحري بين لبنان وإسرائيل بما يخدم مصالح مواطني البلدين".
وشددت على أن "مثل هذا الاتفاق سيكون مفيدًا للغاية ويعزز الاستقرار الإقليمي"، معربة عن شكرها للوسيط الأميركي آموس هوكتشتاين على "عمله الجاد للتوصل إلى اتفاق".
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، في مداخله له مع "العربي" من إسطنبول، أنه من الواضح بأن إسرائيل تفصل ما بين استخراج الغاز من "كاريش" وملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وأوضح أبو عامر أن عملية ترسيم الحدود لها أبعاد دستورية وقانونية، مرتبطة في عمل الحكومة الحالية بتل أبيب، وهي حكومة انتقالية مرحلية، الأمر الذي لا يخولها توقيع اتفاقية مشابهة، أما أبعاد قضية استخراج الغاز من كاريش، بالنسبة إلى تل أبيب، فهي قد تكون عسكرية وأمنية أكثر من اقتصادية، في ضوء التهديد المتبادل بينها وبين حزب الله حوله.
"دعم دون تنسيق"
وحذر الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، في وقت سابق، بأنه لن يسمح لإسرائيل باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش، قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقة، وفق تعبيره، مؤكدًا أيضًا أن صواريخ حزبه موجهة إلى الحقل.
ونفى الأشقر في مداخلته مع "العربي" أي تنسيق بين الرئاسة وحزب الله في هذا الملف، مؤكدًا أن عون وفريقه يعملون وفق الدستور، ولكن هذا لا يمنع من أي دعم لخطوات الرئيس، ولا بد من الاعتراف أن تصريحات نصر الله ساعدت بشكل أو بآخر في تسريع المفاوضات.
وأكّد الأشقر أن إسرائيل لن تستطيع استخراج النفط من كاريش قبل التوقيع مع لبنان اتفاقية الترسيم، لوجود "معادلة رعب" قائمة بين لبنان وإسرائيل.
ويمثل هذا الحقل، المتنازع عليه إقليميًا، طوق نجاة للبنان واستثمارًا ناجحًا لإسرائيل وسلاحًا تستخدمه الولايات المتحدة ضد روسيا في حربها على أوكرانيا.