طالبت دول ومجموعات أعضاء في الأمم المتحدة، الاحتلال الإسرائيلي بالتراجع الفوري عن إجراءاته غير القانونية ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، وجددت دعمها الراسخ لمحكمة العدل الدولية والقانون الدولي كحجر الزاوية للنظام الدولي.
وفي بيان صادر عنها، أمس الإثنين، أكّدت هذه الدول تمسكها بالنظام متعدد الأطراف، وأعربت عن قلقها الشديد إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية فرض إجراءات عقابية ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية والمجتمع المدني، وذلك بعد طلب الجمعية العامة لرأي استشاري من قبل محكمة العدل الدولية.
وجاءت العقوبات الإسرائيلية ردًا على جهود السلطة لدفع محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري بشأن الاحتلال الإسرائيلي.
وجاء في البيان: "بمعزل عن موقف كل دولة حول قرار الجمعية العامة، نرفض الإجراءات العقابية ردًا على طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية أو بشكل عام ردًا على أي قرار للجمعية العامة، ونطالب بالتراجع الفوري عن هذه الإجراءات".
بدورها، رحبت بعثة دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك بهذا البيان، ولفت المراقب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور إلى أن أهمية هذا البيان تكمن في أن قائمة الدول الموقعة شملت أيضًا دولًا لم تصوت لصالح القرار في الجمعية العامة، مما يعزز الموقف الدولي الرافض لسياسة العقاب التي تنتهجها إسرائيل، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية"وفا".
كما عبّر منصور عن أمله بأن تعيد هذه الدول الأعضاء بمجلس الأمن، التأكيد على هذا الموقف خلال الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، يوم 18 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وشملت قائمة الدول والمجموعات الموقعة على البيان: الجزائر، رئاسة القمة العربية وعضو الترويكا العربية في نيويورك، الأرجنتين، بلجيكا، البرازيل، بلغاريا، تشيلي، كوبا، قبرص، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، لاتفيا، ليشتنشتاين، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، المكسيك، ناميبيا، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، باكستان، رئاسة منظمة التعاون الإسلامي، بولندا، البرتغال، جمهورية كوريا، رومانيا سلوفينيا، سلوفاكيا، جنوب إفريقيا، إسبانيا، السويد، وسويسرا.
أكثر من 40 دولة تحض إسرائيل على رفع العقوبات التي فرضتها على السلطة الفلسطينية👇#فلسطين pic.twitter.com/t8vKDtkM0h
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 17, 2023
الاحتلال ماضٍ في انتهاكاته
على صعيد آخر، شيع مئات الفلسطينيين أمس الإثنين جثمان الفتى عمر لطفي خمور ابن الـ14 عامًا، والذي استشهد متأثرًا برصاصة أصيب فيها برأسه أثناء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، في الضفة الغربية المحتلّة.
وكان الاحتلال قد اقتحم مخيم الدهيشة فجر أمس الإثنين، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع سكان المنطقة.
وبارتقاء عمر، يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية برصاص الاحتلال، إلى 14 شهيدًا منذ بداية العام.
في سياق متّصل، هدمت القوات الإسرائيلية صباح يوم الإثنين نحو 15 منشأة فلسطينية في بلدة حزما شمال القدس، شملت ورشًا لصيانة وتصليح السيارات، بزعم البناء غير المرخّص، ودون سابق إنذار.
وقدّر أصحاب هذه المنشآت خسائرهم، بمئات آلاف الدولارات، فيما تعّد عملية الهدم هذه الثانية بالبلدة في أقلّ من عام، حيث هدمت قوات الاحتلال العام الماضي 10 منشآت في حزما التي تصنّف ضمن المناطق "ج" الخاضعة لسيطرة إسرائيل.
ووفق مراسل "العربي" من القدس أحمد دراوشة، استهدفت سلطات الاحتلال بهذا الهدم منطقة صناعية حيوية للفلسطينيين تعتبر قلب الحركة الاقتصادية في المكان، حيث دمّرت معها ما تحتويه هذه المنشآت من مواد باهظة الثمن.
في السياق، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمة اشتية، في كلمة له بمستهلّ جلسة للحكومة: إن جنود الاحتلال والمستوطنين سيواصلون ارتكاب جرائمهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، طالما يظلون بمنأى عن العقاب.
ودعا اشتية من وصفهم بـ"حماة إسرائيل" في الأمم المتحدة والمنصات الدولية، إلى الالتفات للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
القمة الثلاثية في القاهرة
من جهة ثانية، أكّد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على ضرورة إعادة تحريك عملية السلام كأولوية دولية وإطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حلّ الدولتين.
جاء ذلك، خلال لقاء للملك مع منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، حيث بحث الطرفان أبرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
ووصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القاهرة يوم أمس، للمشاركة في قمة ثلاثية اليوم الثلاثاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، لبحث مستجدات القضية الفلسطينية.
واعتبر السفير الفلسطيني في مصر دياب اللوح، أن هذه القمة هي تجسيد للتشاور والتعاون الدائم تجاه القضايا المتعددة على المستويات العربية والإقليمية والدولية، إضافة إلى توحيد الرؤى وتنسيق المواقف بين الزعماء الثلاثة "للتعامل مع التحركات السياسية المختلفة".
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر أحمد جميل عزم أن العدد القياسي للشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام، والهدم بالمنطقة "ج"، يدلان على تصعيد إسرائيلي هدفه إيصال رسالة مفادها أن الحدّ الأدنى الذي يقترحه المجتمع الدولي مرفوض.
وتعقيبًا على انعقاد القمة الثلاثية في مصر، يقول عزم في حديث إلى "العربي"، من لوسيل: إن الحديث عن تجديد عملية السلام وإعادة إطلاق عملية المفاوضات يتزامن مع الوضع المتدهور في الأراضي المحتلّة، و"كان ذلك سيبدو منطقيًا أكثر لحدّ ما في الأعوام الفائتة"، على حدّ قوله.
ويوضح أن التصعيد الهائل للانتهاكات الإسرائيلية، يتطلب حالة مختلفة من العمل العربي، لافتًا إلى أن الأردن ربما يكون هو البلد الوحيد الذي يربط الآن بعض علاقاته مع إسرائيل بما يحدث مع الفلسطينيين، حيث رفضت عمان على سبيل المثال قبل أيام حضور الاجتماع التمهيدي لقمة النقب التي ستُعقد في المغرب بعد أشهر قليلة، والتي تشترك فيها الدول الموقعة على اتفاقيات سلام مع إسرائيل.
ويردف عزم: "لا توجد حتى الآن رسالة عربية قوية للجانب الإسرائيلي، وسط ترقب لقمة اليوم لمعرفة ما إذا كانت مصر ستعلن أن العلاقة مع إسرائيل لا يمكن أن تسير كالمعتاد في ظلّ وجود تصعيد على الأرض".