ودّع الأب الفلسطيني مراد العباسي، أمس الجمعة، عائلته وأبناءه الستة، بعد أن قررت سلطات الاحتلال إبعاده نهائيًا بشكل قسري عن عائلته ومنزله في القدس.
فقد أجبر العباسي (42 عامًا) على وداع عائلته ومنزله بشكل دائم في بلدة سلوان بالقدس، تنفيذًا لقرار السلطات الإسرائيلية بزعم "تشكيله خطرًا على أمن الاحتلال".
وقال العباسي عند احتضانه أطفاله للمرة الأخيرة: "حتى ولو خرج جسدي من هنا روحي ستبقى موجودة في هذه الأرض في داري وبين أهلي".
"حضن البلد مقدس"
وكان الرجل المقدسي قد تسلّم في 19 مايو/ أيار الماضي، قرار إبعاده عن مدينته خلال 14 يومًا كحد أقصىتحت طائلة اعتقاله وتغريم من يستضيفه بمبلغ يعادل 1500 دولار، بحسب وكالة "وفا" الفلسطينية.
وتتذرع إسرائيل بوجود ملفات سرية "تستدعي طرده"، ليجبر المبعد قسرًا على مشاركة عائلته بـ"غداء أخير" في منزله الذي سلخ عنه.
وقال العباسي قبيل مغادرته: "بالنسبة لي القدس هي الحضن الذي تربيت فيه وعشت فيه. هو وحضن أمي واحد..الإثنان مقدسان".
وولد مراد ودرس وعمل في بلدة سلوان وينحدر من إحدى العائلات الأصيلة في البلدة، لكنه لم يحمل "الهوية الزرقاء" الخاصة بأهل القدس لأن جده كان يعمل في رام الله عند احتلال مدينة القدس عام 1967.
وكان الاحتلال قد أصدر آنذاك هذه الهويات فقط للموجودين في مدينة القدس، مستثنيًا أهالي المدينة الذين كانوا موجودين خارجها.
لكن مراد، حصل على تصريح لإقامته في القدس بموجب معاملة "لم الشمل" عام 2015، وذلك بعد 15 عامًا من زواجه من سيدة مقدسية.
ليعود الاحتلال عام 2017 ويجمد التصريح الذي يملكه مراد الذي اعتقل عام 2021 وخضع للتحقيق مرات عدة بتهمة "التواجد في القدس بدون تصريح" قبل أن يصدر قرار إبعاده عن القدس بشكل دائم الشهر الفائت، ليصبح الأب لـ 6 أطفال دون عمل أو بيت أو عائلة.
فعائلته لن تستطيع الانتقال للعيش معه برام الله خشية سحب وثائق إقامتها في القدس.
سياسات قمعية لتهويد القدس
ويعد سحب إقامات الفلسطينيين المقيمين في القدس أحدمن أخطر السياسات التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية، الهادفة إلى تهويد المدينة وتفريغها من أهلها.
ومنذ بداية احتلال القدس عام 1967 وحتى عام 2020، ألغى الاحتلال إقامة أكثر من 14 ألفًا و700 فلسطيني في القدس، في إجراءات وصفتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنها "عمليات ترحيل قسري وانتهاك خطر للقانون الدولي".
وذكر تقرير للمنظمة عام 2017 أن "إلغاء الإقامات هو جزء من سياسات متعددة تشمل التوسع الاستيطاني غير المشروع وهدم المنازل والقيود المفروضة على البناء في المدينة، تسببت في تغيير ديمغرافية القدس الشرقية".