يحتدم السباق بين شركات التكنولوجيا الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب استثمارات هائلة جعلت عمالقة التكنولوجيا تنفرد في تأمينها، ما قد يجعلها المسيطر الأكبر على هذه القطاع مستقبلاً.
وتدفع شركة "أوبن إي آي" وحدها نحو 700 ألف دولار يوميًا لتطوير تطبيق "تشات جي بي تي" الذي أطلقته في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وتعمل الشركة على جمع أموال تصل إلى 100 مليار دولار لتمويل تطويرها في السنوات المقبلة بما يتماشى مع متطلبات نموذج الذكاء الاصطناعي.
واستثمر العملاقان "غوغل" ومايكروسوفت" مليارات الدولارات لتطوير منصاتهما الخاصة للذكاء الاصطناعي التوليدي، الأمر الذي يبرز تمكّن فئة قليلة من الشركات التي تمتلك الإمكانات المالية، لبناء نموذج ذكاء اصطناعي توليدي يستطيع المنافسة.
ويضع هذا الأمر الشركات الأخرى أمام خيار واحد، وهو استخدام تكنولوجيات وقدرات الشركات العملاقة، على غرار مجال الحوسبة السحابية التي باتت تابعة لغوغل ومايكروسوفت وأمازون.
وتسعى الشركات العملاقة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مترابط مع الحوسبة السحابية، لضمان تعزيز أرباحها كشركة مايكروسوفت التي بلغت حصة الحوسبة السحابية 70% من أرباحها.
السيطرة على السوق
وفي هذا الإطار، أكد المختص في الذكاء الاصطناعي، رياض بغدادي، وجود اهتمام كبير من قبل الشركات الكبرى للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وعلى وجه الخصوص بإحدى تقنياته التي ظهرت مؤخرًا، وهي تقنية النماذج اللغوية الكبرى التي يُبنى عليها نظام تطبيق "تشات شي جي بي تي" القادر على حل المسائل وكتابة القصائد والأشعار بثوان معدودة.
ووصف بغدادي هذه التقنية في حديث إلى "العربي" من الجزائر، بـ"الطفرة" في مجال الذكاء الاصطناعي، وبالتالي فإن شركات التكنولوجيا بحاجة إلى التنافس وتطوير تطبيقات جديدة مبنية على هذه التقنية والسيطرة على السوق، لشراء تلك التطبيقات من قبل الشركات الصغرى غير القادرة على تطويرها بسبب كلفتها العالية.
وعن مخاطر تطور الذكاء الاصطناعي، قال بغدادي إن بعض الخبراء يرجحون تطور بعض الأنظمة ووصولها إلى ذكاء مشابه لذكاء الإنسان خلال السنوات المقبلة، بينما يرى البعض الآخر أن هذا الأمر يتطلب عشرات السنين.
وتوقّع أن يؤثر تطوّر الذكاء الاصطناعي على اقتصادات العالم وحياة الإنسان سلبًا، لأن الأنظمة المتطورة ستصبح قادرة على القيام بمهام الإنسان ما سيؤدي إلى فقدان الكثير من الوظائف، إضافة إلى انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة بشكل كبير عبر الإنترنت لأن توليدها سيكون أكثر سرعة وسهولة.