Skip to main content

ستريلا وستينغر.. قصص مثيرة لأسلحة محمولة على الكتف تدمر أقوى الجيوش

الإثنين 15 يوليو 2024
قد تسمح بعض الصواريخ فعلا لطرف أضعف أن ينتصر في معارك استنزاف

لا تعني القوة بالضرورة الانتصار في الحرب، ولا سيما إذا امتلك الطرف الأضعف سلاحًا خفيفًا وزهيد الثمن، لكن قادرًا على إلحاق خسائر فادحة بالطرف الأقوى.

ليس هذا مجرّد كلام، إذ يشهد التاريخ على قصص مثيرة استطاعت فيها صواريخ قلب مجريات المعركة، وصولاً إلى تحقيق ما يمكن وصفه بـ"المعجزة".

ينطبق ذلك على صاروخ ستينغر الذي استُخدِم للمرّة الأولى في أفغانستان عام 1986، ليتجرّع الاتحاد السوفيتي حينها من الكأس نفسها التي أذاقها للولايات المتحدة في فيتنام قبل ذلك بسنوات.

وبين هذا وذاك، قصة مثيرة لصواريخ حملت على الأكتاف، منها صاروخ ملقب بالسهم، وآخر صنع معجزة الجبال، فكيف أثّرت هذه الأسلحة في معارك شرسة، وكيف يمكن فعلا لطرف أضعف أن ينتصر في معارك استنزاف؟

صاروخ ستينغر استُخدِم للمرّة الأولى في أفغانستان عام 1986

أول سلاح محمول على الكتف

في بداية الخمسينيات، طورت البحرية الأميركية سلاح جو - جو يعرف بـAIM-9 Sidewinder، وهو صاروخ قصير المدى يستخدم نظام توجيه الأشعة تحت الحمراء لتتبع محركات الطائرات واستهدافها في ذلك الوقت.

وخلال الحرب الباردة، كان السوفيت والأميركيون يتسابقون على تطوير نظام دفاع جوي خفيف ومحمول لحماية القوات من الطائرات التي تحلق بارتفاع منخفض.

طورت البحرية الأميركية سلاح جو - جو يعرف بـAIM-9 Sidewinder في بداية الخمسينيات

وهنا جاءت شركة كونفاير الأميركية بفكرة مستوحاة من صاروخ سايدويندر، واقترحت استخدام الأشعة تحت الحمراء في صاروخ مطوي الأجنحة لا يتجاوز قطره 7 سنتيمترات، ويمكن لجندي واحد إطلاقه من أنبوب محمول على الكتف.

الفكرة الواعدة تحولت إلى ريد آي أول صاروخ أرض جو محمول على الكتف واختبر عام 1961 لكن السوفيت لم يتأخروا كثيرا، وكشفوا عام 1959 عن نسختهم الخاصة من الصاروخ المحمول على الكتف الذي سمي ستريلا، وعرف أيضا بسام 7، لكنّ الغرب لم يعرفوا عنه شيئًا إلا عندما ظهر أول مرة في أيدي الجيش المصري.

ريد آي أول صاروخ أرض جو محمول على الكتف واختبر عام 1961

صواريخ ستريلا.. سلاح مصر في حرب الاستنزاف

ففي أعقاب نكسة 1967، أعاد الرئيس المصري جمال عبد الناصر بناء الجيش وتنظيمه وخلال حرب الاستنزاف مع إسرائيل التي عانت فيها مصر من الغارات الجوية العنيفة بدأ البحث عن حل سريع وجذري يعزز قدرات دفاعه الجوي، فكان الحل في السلاح الجديد الذي طوره السوفيت، صواريخ ستريلا.

وصُمّمت هذه الصواريخ لتكون بسيطة وفعالة، وتعمل بتوجيه حراري يسمح لها بتعقب الحرارة الصادرة عن محركات الطائرات التي تحلق بارتفاع منخفض، كما أنها سهلة الحمل والتشغيل من قبل جندي واحد نظرًا إلى وزنها وطولها، ما يعني أن جنديًا واحدًا يحمل صاروخًا ببضعة آلاف يمكنه تدمير طائرة بملايين الدولارات.

صُمّمت صواريخ ستريلا لتكون بسيطة وفعالة، وتعمل بتوجيه حراري

زغلول وهبة.. صائد الطائرات

وفي أواخر عام 1969، وصلت أول شحنة من صواريخ ستريلا إلى مصر وخلال أسابيع، أصبح الجنود المصريون مستعدين لاستخدام السلاح الجديد في المعركة ومنهم جندي لم يتجاوز العشرين من عمره لقب لاحقا بصائد الطائرات، ولكن ما قصته؟

في صباح 30 يونيو عام 1970، انقضت 8 طائرات إسرائيلية وعبرت بسرعة هائلة فوق جنود مصريين في منطقة قريبة من السويس لضرب مستودعات الجيش المصري. انتهى الهجوم بخسائر فادحة.

وبينما كانت إحدى الطائرات من طراز سكاي هوك تحلق على ارتفاع منخفض، رآها جندي يدعى زغلول وهبة وجهّز سلاحه في ثوان، للاشتباك من دون أوامر قائده. وعندما أصبحت الطائرة في مرمى صاروخه، ظهر ضوء أحمر في القاذف لتنبيه الرامي إلى أن الهدف أصبح قريبًا، ولديه فقط جزء من الثانية للإطلاق.

أطلق زغلول صاروخه انتقامًا لزملائه الشهداء، فدمر الطائرة، بينما أسر قائدها الإسرائيلي بعدما قفز بالمظلة، دمر معها مقولة العين لا تقاوم المخرز.

لم يكن زغلول وهبة حينها قد تجاوز العشرين من عمره ولقب لاحقا بصائد الطائرات

الرقص مع الموت في فيتنام

انتهت حرب الاستنزاف وسجلت القوات المصرية 36 إصابة من أصل 99 إطلاقا لصاروخ ستريلا الذي لا يتجاوز سعره %10 من ثمن الطائرة التي أسقطت وحقق المصريون ما أرادوا، إذ أجبروا العدو على التحليق بارتفاع أعلى ما قلل دقة الاستهداف وفاعلية سلاح الجو في دعم قوات المشاة.

لكنّ المفارقة المثيرة للانتباه هي أنّ حرب الاستنزاف وفرت للولايات المتحدة والسوفيت، فرصة لاختبار أسلحتهما في مواجهة بعضها، حيث يبدو أن أميركا لم تفهم درس حرب الاستنزاف جيدا ليتكرر المشهد من جديد وهذه المرة في الجهة الأخرى من العالم، فيتنام، المقسمة منذ نحو عقدين بين شمال مدعوم من السوفيت وجنوب مدعوم من أميركا التي لم تكتف بالدعم وانخرطت بجيشها في حرب ربما هي الأشرس في تاريخها.

وفّرت حرب الاستنزاف للولايات المتحدة والسوفيت، فرصة لاختبار أسلحتهما في مواجهة بعضها

فقبل أن تبدأ إدارة الرئيس نيكسون ما عرف بالفتنمة، وهي استراتيجية نفذتها أميركا بهدف إنهاء تورطها في تلك الحرب عبر التوسع التدريجي في تدريب القوات الفيتنامية الجنوبية مع تقليل الوجود العسكري الأميركي والاكتفاء بالدعم الجوي.

وهنا جاء دور ستريلا الصاروخ الذي أثبت فاعليته أول مرة في حرب الاستنزاف قبل أن يزود الاتحاد السوفيتي قوات الشمال الفيتنامي به للمرة الأولى عام 1972 وكان الطيارون الأميركيون على موعد مع الرقص مع الموت، المصطلح الساخر الذي استخدموه لوصف مناورات المراوغة في مواجهة الصواريخ السوفيتية.

لكنّ القصة لم تنتهِ هنا، فكيف تجرّعت أميركا كأس صاروخ ستريلا، وماذا عن صاروخ ستينغر الذي "انتقم" للولايات المتحدة؟ ما قصة معجزة الجبال والتوابيت الطائرة، وصولاً إلى رامبو وهزيمة السوفييت في أفغانستان؟ لمعرفة كلّ الإجابات، تابعوا الحلقة المرفقة من سلسلة "ترسانة" مع الزميل حسن هاشم، حصريًا عبر "العربي تيوب".
المصادر:
العربي تيوب
شارك القصة