لم يف رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك بوعوده، وتُظهر استطلاعات الرأي تراجعه، حتى إنه بات هدفًا للسخرية، ويبدو أنه غير قادر على تحسين الوضع مع اقتراب الانتخابات التشريعية، حسب وكالة فرانس برس.
ولم يوقف الإعلان عن تخفيضين ضريبيين، وتحسّن اقتصادي طفيف انزلاق زعيم حزب المحافظين الذي يواجه انتقادات عديدة في معسكره، بالإضافة إلى انتقادات حزب العمال المعارض.
وفي الأيام الأخيرة، لم يتردد أحد أسلافه، بوريس جونسون، من وصف خطته لحظر بيع السجائر تدريجيا بأنها "مجنونة".
ريشي سوناك
ويزيد سوناك البالغ 43 عامًا من استياء البريطانيين الذين سئموا من عهود الحكومات المحافظة المستمرة منذ 14 عامًا، ولم يتمكن من تغيير رأيهم منذ توليه منصبه قبل 18 شهرًا.
وأكد استطلاع أجراه معهد "يوغوف" ونُشر في أبريل/ نيسان أن المحافظين لن يفوزوا سوى بـ155 مقعدًا من أصل 650 خلال الانتخابات التشريعية المتوقعة في النصف الثاني من العام، مقارنة بـ365 خلال الانتخابات الأخيرة في ديسمبر/ كانون الأول 2019.
وأفاد الاستطلاع بأن حزب العمال بزعامة كير ستارمر سيفوز بـ403 مقاعد. ويُعتبر فوز حزب العمال محسومًا في دوائر السلطة، بحيث يتساءل العديد من المعلقين كيف سيستمر سوناك حتى الخريف.
ومن المؤكد أن سوناك ورث حزبًا في حالة سيئة، فقد خلف ليز تراس في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 التي لم تستمر ولايتها طويلًا، واضطرت إلى الاستقالة بعد 49 يومًا، إذ تسبّبت بحالة من الذعر في الأسواق المالية.
وقبلها، اضطر بوريس جونسون إلى الاستقالة بعد سلسلة من الفضائح، من بينها فضيحة "بارتي غيت" لإقامته حفلات في داونينغ ستريت في ظلّ تدابير مكافحة وباء كوفيد.
ولكن يرى العديد من المحللين أن ريشي سوناك ساهم في سقوطه أيضًا، لأنه فشل في نسج صلة مع البريطانيين الذين ينظرون إلى هذا المصرفي السابق ورجل الأعمال الثري كزعيم منفصل عن الواقع، وغير قادر على الوفاء بوعوده الرئيسية.
وعلى الرغم من رغبته في التصدي لأزمة المهاجرين، بلغ عدد الذين عبروا بحر المانش بشكل غير نظامي منذ بداية العام حدًا غير مسبوق، وباتت قوائم الانتظار لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وهي خدمة الصحة العامة، أطول مقارنة بفترة توليه منصبه.
ويكمن التحسن الوحيد بتسجيل نمو اقتصادي متوسط وانخفاض نسبة التضخم إلى النصف.
"الحد من الأضرار"
وفي محاولة لتعزيز نفسه، حاول سوناك منذ أشهر التحول إلى اليمين لمواجهة الحزب المؤيد لبريكست سابقًا بقيادة نايجل فاراج المناهض للهجرة، والمعادي لأوروبا ولسياسات مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، والذي يهدد بحرمان المحافظين من عدد معين من المقاعد.
ويحاول سوناك الحفاظ على تفاؤله متنقلاً بشكل شبه يومي للقاء البريطانيين قبل الانتخابات المحلية المقررة في 2 مايو/ أيار، والتي يبدو أنها ستكون كارثية لحزبه، ويمكن أن تغذي رغبة التمرد في صفوفه في حال الفشل.
ورأى كيران بيدلي، المتخصص في الانتخابات في معهد "إبسوس" لاستطلاعات الرأي أنه في حين يحاول رئيس الوزراء "إيجاد الحل المعجزة لتغيير الأمور، لا يبدو أنها تسير بشكل جيد حاليًا".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنّ سوناك يحظى حاليًا بأحد أدنى معدلات الشعبية في تاريخ رؤساء الوزراء البريطانيين، وتبلغ نسبة الآراء السلبية تجاه المحافظين حالياً 58%، وفقاً لـ"إيبسوس".
من جهته، قال روب فورد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مانشستر: "يبدو مُحرَجًا وسخيفًا بعض الشيء، ويبدو عصبيًا جدًا عندما يواجه صعوبة".
وأضاف: "هناك حلقة مفرغة قد يقع فيها السياسيون عندما لا يتمتعون بالشعبية، وتابع: "وسائل الإعلام تعرف ذلك، لذا فإن كل ما يفعلونه يُنشر بنحو سلبي، ما يفاقم عدم شعبيتهم".
وكان هذا حال صورة أظهرت رئيس الوزراء منتعلًا حذاء سامبا الرياضي الشهير من علامة "أديداس". وتحوّل موضوعًا للسخرية كُتبت عنه مقالات، ما دفع سوناك بسخرية أيضًا إلى الاعتذار لـ"مجتمع" محبّي السامبا.
ورأى روب فورد أنه حتى لو تقلص الفارق في استطلاعات الرأي كما هو الحال عادة مع اقتراب الانتخابات، فإن ذلك لن يكون كافيًا، إذ "في هذه المرحلة، يتعلّق الأمر فقط بالحد من الأضرار".