سوريا تستغيث.. هل ستصل المساعدات للشعب المنكوب؟
"أهم ما أحتاجه حاليًا هو سقف خيمة يقيني وعائلتي مطر الشتاء بالإضافة إلى تأمين بعض الدفء لأولادي سواء بوقود التدفئة أو بعض البطانيات"، تلك عبارة قالها أحد منكوبي الزلزال المدمر في ريف سراقب بمحافظة إدلب شمالي سوريا.
جملة تلخص حال كثير من منكوبي الزلزال في سوريا ولا سيما في المناطق التابعة لسيطرة المعارضة.
فسكان هذه المناطق يعانون قبل كارثة الزلزال من فقدان أدنى مقومات العيش الكريم. ويكابدون بشكل يومي للحصول على لقمة العيش وما تيسر لهم من سبل التدفئة في فصل الشتاء. وهم الذين عاشوا ويلات الحروب والتهجير وظروف الطقس القاسي والآن الكوارث الطبيعية.
أوضاع صعبة واحتياجات هائلة
ووصف مسؤولون في الأمم المتحدة الأوضاع في سوريا بعد الزلزال بأنها "صعبة للغاية ومستوى الاحتياجات فيها هائل".
ورغم ذلك، لم يدخل حتى الآن أي نوع من المساعدات لا الدولية ولا الشعبية إلى المناطق السورية المنكوبة وهو ما أكده مدير العلاقات العامة بمعبر باب الهوى الحدودي مازن علوش الذي قال: "إن المساعدات الأممية التي دخلت إلى شمال غربي سوريا هي دورية استؤنفت بعد توقف قصير أي أنها مبرمجة قبل وقوع الزلزال الذي تتطلب عمليات الإغاثة في خضمه معدات ومواد إغاثة من نوع خاص".
وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله بأن يتوصل مجلس الأمن الدولي لقرار بفتح معابر أكثر بين تركيا وسوريا لإيصال المساعدات بصورة عاجلة.
وشدد غوتيريش على أن العقوبات لا ينبغي أن تحول دون وصول المساعدات إلى محتاجيها من الشعب السوري، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى الوحدة وتعزيز القدرات وليس إلى تسييس الأزمة.
هذه الدعوة وردت على لسان مسؤولين آخرين في الأمم المتحدة ومن بينهم المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسون والمنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا مصطفى بلمليح.
قافلة مساعدات دخلت سوريا
وفي هذا الإطار، أكد نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق أن قافلة مساعدات أممية دخلت سوريا اليوم عبر معبر باب الهوى وتضمنت بطانيات وخيام ومساعدات إغاثية عاجلة.
وقال في حديث إلى "العربي" من نيويورك: "كان من المفترض أن تدخل هذه القافلة قبيل حدوث الزلزال"، مشيرًا إلى تجهيز قوافل مساعدات أخرى لمساعدة المنكوبين.
وأوضح أن هناك مئة فرقة تبحث في المناطق المتضررة من الزلزال. ولفت إلى أن حجم الدعم التي تقدمه الأمم المتحدة للفرق كبير جدًا. واعتبر أن حدوث كارثة طبيعية في مناطق جبلية أدت إلى تضرر الطرق وبالتالي تطلب الوضع إصلاحها لكي تتمكن قوافل المساعدات من العبور وهو ما عملت عليه الفرق في الأيام السابقة وأنجز بشكل كامل.
أطراف مؤثرة
وقال حق: "لا بد من السماح لنا بالمرور من قبل جميع الأطراف التي تسيطر على الأرض لكي نتمكن من الوصول إلى جميع المناطق المتضررة"، إضافة إلى تأمين الدعم المالي واللوجستي.
وتوقع وصول مساعدات إضافية قريبًا. وأضاف: "نحن نفعل كل ما يمكنا القيام به ومن الواضح أن الصعوبات كانت أكثر من المتوقع في المواقع المتضررة والتي كانت موضع قتال"، مؤكدًا أن "الأمين العام للأمم المتحدة لا يريد تسييس الأمور ونود الوصول إلى الضحايا أينما كانوا بأسرع ما يمكن".
كما لفت حق إلى أن رئيس العمليات الإغاثية في الأمم المتحدة موجود في تركيا وسيتابع رحلته إلى الأراضي السورية حيث سيتحدث إلى مسؤولين في النظام السوري لتمكينهم من السماح لنا بالعبور وإيصال المساعدات بشكل عاجل.
وأفاد بأن الأمم المتحدة ستتعامل مع الوعود التي قطعها الجانبان على طرفي الحدود في سوريا بإتاحة مرور المساعدات. وقال: "لا بد أن يصدقوا في تعهداتهم عندما يتعاملون معنا".
وحول احتمالية فتح معابر أخرى، يشير حق إلى أن الأمم المتحدة تعتمد على تفويض من مجلس الأمن لكي تتمكن من استخدام المعابر الحدودية لدخول سوريا، معتبرًا أن فتح معابر إضافية يسهل دخول مساعدات إضافية. وقال: "هذه ظروف استثنائية وتحتاج إلى قرارات استثنائية".
تركيا تتعامل مع كارثتها
من جانبه، يرى مدير الدراسات الأمنية في مؤسسة سيتا مراد يشلتاش أن الأمر لا يتعلق بدور تركيا في إيصال المساعدات لسوريا، بل بواقع تركيا في أعقاب الزلزال.
ويلفت في حديث إلى "العربي" من أنقرة إلى التنسيق من أجل فتح معبر باب الهوى الذي تضرر من الزلزال.
كما أشار إلى تعاون المنظمات التي تعمل في سوريا وتلك التي تعمل في إدلب.
وأوضح يشلتاش أن تركيا تركز على التعامل مع ما جرى داخل تركيا، لكنها تتعامل مع الجانب الدولي بالقدر نفسه لدعم سوريا. وأكد أن المساعدات يجب أن تدخل إلى سوريا عبر التنسيق مع الجانب التركي، لكن ذلك يستغرق وقتًا.
ويلفت إلى عوائق لوجستية تحول دون عبور المساعدات عبر تركيا إلى سوريا ومنها تضرر شبكة الطرق. ويقول: "المشكلة اللوجستية أكبر من توقعاتنا".
حاجة لمعدات إنقاذ
ويؤكد المسؤول في الدفاع المدني السوري فراس الخليفة أن المساعدات التي دخلت إلى سوريا هي مساعدات دورية توقفت بسبب الزلزال واستؤنفت الآن.
ويشير إلى أنها ليست مساعدات ومعدات خاصة لفرق البحث والإنقاذ. وتساءل عن جدوى هذه المساعدات الآن بعد ثلاثة أيام من وقوع الكارثة دون أن تضم معدات إغاثة. وقال في حديث إلى "العربي" من ريف إدلب: "نحن في أمس الحاجة لهذه المعدات لإنقاذ الأرواح من هم تحت الركام".
وينفي الخليفة وجود أي فرق للأمم المتحدة تساعد في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، مؤكدًا وجود فريق مصري يساعد في منطقة جنديريس.
وقال: "نحن في شمال غرب سوريا بحاجة لمعدات لإخراج العالقين بعد 85 ساعة من حدوث الزلزال حيث تتضاءل فرص العثور على أحياء"، مؤكدًا الحاجة لمعدات خاصة وفرق متخصصة.